قصه كامله بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها ..أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها ..ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت .. نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل ..كل يبكى على ليلاه.!
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد
قالت فى سرعة
عاوزه اطمن عليه .. وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه ..أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه.. ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت.. بس عاوزه اطمن امه .. أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا.. طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة.. فاكر نفسه عايش فى الجنة
بصى يا دنيا.. أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى ..فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص .. يعنى أربع خمس شهور بالكتير.. وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى.. فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت
رفع حاجبية متهكما وقال
أيوا هو ده المهم دلوقتى.. كده انت دنيا اللى انا اعرفها ...ركزى معايا كده وفتحى مخك ..
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى ..ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت ..دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب ..وده فى صالحنا ..علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل
هقولك ..أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف القضية قبل ما تروح على المحكمة ..وهتفاوض معاه النهاردة على المبلغ اللى هياخده .. ومش كده وبس ..أنا كمان وصلت لشهود الأثبات وبرضة هتفاوض معاهم على المبلغ ..
والفلوس اللى هتاخديها من الراجل فى اقرب وقت هنكيشهم منها .. وكده لا هيبقى فيه دليل ولا شهود والحاډثة هتبقى قضاء وقدر..ومش مقصودة والواد يطلع من عقۏبة القتل العمد وبعد كده ممكن نفاوض أهل القتيلة لما يبقوا فى موقف الضعيف وممكن ساعتها يتنازلوا بقرشين وتبقى القضية بخ.. فهمتى
قالت بشك
طب ماهو محامى البنت اللى ماټت ممكن يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا ..المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه..فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة ولما الحكم يتغير شوفى بقى ساعتها أسمك هيلمع ازاى ..
لمعت الفكرة فى رأسها فلقد عرف باسم كيف يقضى على النبضة الأخيرة من نبضات ضميرها .. تخيلت حكم البراءة وكيف سيلع أسمها بعد ذلك فى سماء المحاماة لتتهافت عليها القضايا كما حدث مع فارس ويقصدها الناس ولكنها لن تفعل مثله لن تعيش بمثاليته التى دمرته وستدمره سيكون الحكم الوحيد فى قبول أى قضية هو الأتعاب فقط ليس إلا ..
وستخطو فى نفس طريق باسم فى حل القضايا الشائكة ... وضعت الهاتف بجانبها وقد نسيت تماما أمر فارس ولم تعد تذكر إلا مستقبلها فقط ..والذى ستجنيه من خلفه
حل المساء على النساء وحالهن هو البكاء .. لا يزلن مجتمعين فى بيت أم فارس ما بين متضرعة وباكية ومڼهارة ..مصابهن واحد يتلمسن أى خبر ولو غير مؤكد أى شىء يطمئنهن على الأزواج والأحبة ورفقاء الدرب ولكن لاشىء ..كأنهم اختفوا وذهبوا جميعا ..خلف قرص الشمس ..ولم يعثروا على أجابة شافية من أى جهة ..الأجابة الوحيدة التى وجدوها كانت عن طريق دنيا بعد أن أبلغتهم بها فى الهاتف وقالت
عرفت أنهم فى المعټقل.. بس لسه مش قادرة أحدد مكانهم بالظبط ولا حتى قدرت أعرف تهمتهم أيه ..
ثم أردفت وكأن أمرهم لا يعنيها
انا هفضل بقى فى بيت ماما لحد ما نعرف طريقهم هناك بتحرك أسرع ..سلام
وقبل منتصف الليل بقليل نهضت أم عبير وهى تمسك بيد أم بلال قائلة
يالا يا حجة أحنا هنروح تعالى معانا
قالت أم بلال وقد بلغ منها التعب والحزن مبلغهم
مينفعش يا أم عبير أنا هروح البيت
قالت أم عبير بتصميم
لاء هتروحى لوحدك فى الپهدلة اللى حصلت دى أزاى.. طب على الاقل باتى معانا النهاردة
تدخلت عبير وقالت لوالدتها
معلش يا ماما انا كمان هروح بيتى ..
ثم نظرت أمامها فى شرود وهى تقول
بيت بلال ميتقفلش أبدا مهما حصل
ذهب الجميع وتركوا أم فارس وحدها على وعد اللقاء فى اليوم التالى لبداية رحلة بحث جديدة ...ذهب الجميع وبقيت مهرة بجوارها بعد أن قالت أم فارس لوالدتها وهى تتشبث بها فى حضنها
سيبيها معايا النهاردة يا أم يحيى
أغلق باب الشقة عليهما وحدهما ..ظلت مهرة بحضنها تتلمس فيها رائحته بينما ظلت أمه متشبثة بها تتلمس فيها قلبه ...رفعت مهرة رأسها قائلة
يالا يا طنط قومى ارتاحى فى اوضتك شوية ..أنت تعبانة أوى
نهضت أم فارس بمساعدتها ولكنها قالت
لا انا عاوزه انام فى أوضة ابنى
ثم عادت للبكاء مرة أخرى وهى تقول
وحشنى أوى يا قلب امه
أنهمرت الدموع من عينيى مهرة وهى تحاول تهدئتها وتقول بصوت متقطع
أنت كده هتتعبى بزيادة وكمان مخدتيش الدوا النهاردة ..
أخذتها مهرة إلى غرفته .. كانت مبعثرة أشيائها
متابعة القراءة