متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
المحتويات
من غير ما تتحرقي پالنار.. فاهماني يا عليا..
رفعت علياء لها عينين حائرتين فتنهدت نيرة بحنق
عليا في علاقة بينك وبين يزيد..
شهقت علياء بقوة وهي تهتف بحرج
أنت بتقولي إيه يا نيرة!!
تنهدت نيرة بارتياح ونصحتها بهدوء
طيب.. خلاص يا عليا.. بس دلوقت مش هينفع تقربي من يزيد.. خلاص فرحه ما بقاش عليه حاجة.. يعني هو قرر عايز مين.. لازم تخرجيه من دماغك وتنسيه خالص..
إزاي بس.. أنا بحبه..
و..
قاطعتها نيرة بقوة
انسي الحب ده خالص.. ودوسي على قلبك.. ودوري على اللي بيحبك..
سألتها علياء پألم
زي ما أنت عملت.. اخترت مازن عشان بيحبك..
أشاحت نيرة بوجهها بعيدا وهي تتمتم
اخترت!!.. أيوه.. مازن بيحبني.. وهو الإنسان اللي هكمل حياتي معاه.. أنا كنت فاهمة نفسي غلط لما أوهمتها بحب حسن..
أومال مش بتردي على تليفوناته ليه.. ده بيتصل بيكي كل يوم.. وأنت من يوم ما جيت من أسبوع ما ردتيش عليه..
كټفت نيرة ذراعيها أمام صدرها وهي تبحث عن إجابة لسؤال علياء.. فهي بالفعل تتهرب من الرد على مازن ليس رغبة منها في تأجيج عواطفه ولكن خوفا منه.. نعم.. هي تخاف مازن بشخصيته الجديدة عليها والتي لم تظن يوما أنه يمتلكها.. لقد ظنت لوهلة وهي تلمح نظرات الحب والألم في عينيه عندما كان يخيرها حسن.. أو بالأحرى يهددها.. ظنت أنها وجدت المخرج لنفسها لتصفع حسن بشقيقه.. ولكن مازن.. أظهر لها وجها آخر وجها مختلفا تماما عما ظنت.. لقد هربت من الجميع ومن الأقاويل إلى مزرعة الغمراوي لتكون برفقة علياء.. ولكنها غير قادرة على الهروب من التفكير به.. وبحوارهما معا قبل أن يصطحبها إلى المزرعة.. والذي أوضح بجلاء.. أن مازن لن يكون الرجل الذي تستطيع لفه حول إصبعها بسهولة كما تخيلت..
نيرة!!.. روحت فين
ألتفتت نيرة لتخبر علياء بهدوء
عليا.. زي ما قلت لك.. انسي يزيد خالص.. وابعدي عنه نهائي.. أنا.. أنا هروح أنام.. أنا تعبانة وعندي إحساس أني بقالي سنين ما نمتش..
وهربت نيرة بسرعة من أمام علياء.. فهي رفضت مناقشة أي شيء يخص فك ارتباطها بحسن وقرارها السريع بالارتباط بمازن مع أي شخص حتى والدها.. الذي أخبرته أنها تريد البقاء مع علياء لفترة.. وتركت له ولأول مرة مهمة تحديد زواجها الوشيك..
انتظرت علياء بصبر في شرفتها حتى تستطيع رؤية يزيد قبل أن يذهب.. ولكنه لم يظهر مرة أخرى بعد دخوله إلى غرفة المكتب.. انتظرت ساعة.. وساعة أخرى.. ولكن لا أثر له..
أخيرا سحبت مئزرا منزليا لترتديه فوق منامتها القصيرة.. وارتدته على عجل ونزلت مسرعة إلى غرفة المكتب..
ابتلعت ريقها بقوة وأخذت نفسا عميقا قبل أن تفتح الباب بهدوء وتدلف إلى الغرفة لتفاجئ بيزيد وقد افترش الأريكة العريضة الموجودة بالغرفة.. وذهب في نوم عميق..
أغلقت الباب بهدوء حتى لا توقظه واقتربت ببطء وهي تقدم خطوة وتأخر أخرى.. حتى وصلت إليه ووقفت تتأمل ملامحه الوسيمة ولكنها كانت منقبضة بشدة وكأنه يتألم من شيء ما..
عاد يهمس في نومه ثانية وعقد حاجبيه بشدة.. فمدت يدها لتمسد جبهته برقة حتى تنفرج ملامحه وتعود لهدوئها.. وأخذت أناملها تتجول على وجهه برقة وكأنها تريد رسمها في خيالها.. تريد حفظها بين حنايا قلبها لتكون زادها في بعاده بعد ما قرر بحسم الإستمرار في زواجه...
علياء.. علياء الفراشة..
جمدت أناملها على وجهه وهي تسمعه يهمس باسمها.. وقطبت حاجبيها في حيرة.. هل يناجيها في أحلامه.. إذا لم الهجر والبعاد.. لم زواجه من أخرى..
عاد اسمها يتردد بين شفتيه
فراشتي.. عليائي.. مش قادر..
تجمدت كل خلية بجسدها وهي تلمح عينيه المفتوحة تحدق بها.. وترمقها بنظرات هائمة.. سرعان ما تحولت إلى تلك النظرة التي أصبحت تألفها في عينيه مؤخرا... .
يحلم بها.. يختطفها ليذهبا بعيدا عن الجميع.. عن كل ما يفصلهما ويمنع وجودهما معا.. ..
بحبك.. بحبك يا يزيد.. ليه بتبعد عني..
انتفض بقوة وهو يشعر بأناملها تنغرز بين خصلات شعره.. وصوتها الهامس يتردد بين أنفاسه.. شعر أن الحلم اختلط بالواقع وأنه الآن يعيش واقعا ملموسا..
نهض جالسا من رقدته.. وأمسك بذراعيها ليثبتها أمامه فارتكزت بكفيها على الأريكة في حين ظلت متكئة على ركبتيها وهي تلهث بقوة من عڼف المشاعر التي جمعتها به..
سمعته يسألها بخشونة
أنت إيه اللي مصحيك لحد دلوقت..
علمت بسهولة أن خشونته مصطنعة فأخذت تنهل من ملامحه الحبيبة لعينيها بجوع وهي ترد بخفوت
قلقت
عليك وجيت أشوفك..
تخللت أنامله بين خصلاته بقلق
أنا.. أنا.. كنت بدور على الورق.. وتعبني على ما لقيته فقلت أريح عينيه شوية قبل ما أرجع تاني القاهرة.. بس يظهر أني روحت في النوم..
رفعت أناملها لتمر بها على جانب وجهه برقة
أنت شكلك فعلا مرهق أوي.. أنت مش بتنام..
مد يده ليمسك بيدها ويبعدها عن وجهه وهو يهتف بخفوت
علياء.. بلاش جنون.. احنا اتفقنا من المرة اللي فاتت أن كل ده لازم ينتهي..
ارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة وهي تسأله
كنت بتحلم أنك ..
عادت أنامله تعيد خصلاته للخلف وهو يحاول أن يتماسك من أجلهما معا.. تلك الفراشة تتلاعب حول اللهب ولا تعلم أنه سيحرقها قبل أن يحرقه هو..
حاول أن يطلب منها بحزم ولكن طلبه خرج كتوسل رقيق
اطلعي أوضتك يا علياء.. اطلعي أوضتك واقفلي عليك بالمفتاح..
هزت رأسها بالنفي وهو تعاود ملامسة وجهه
قولي الأول أنت جيت ليه الليلة..
رفع يديه ليمسك يدها قبل أن يذوب تحت لمسة أناملها واحتفظ بها تلك المرة في كفه.. وحاول أن يتذكر سؤالها.. ليجمع بعض كلمات بلا معنى
ورق.. مهم.. كان لازم أجيبه الليلة..
هزت رأسها وكأنها غير مقتنعة بكلماته فهي تشعر بأنامله تداعب كف يدها التي يحتضنها بدفء شديد.. وأنبأتها غريزتها الأنثوية أن تلك الأوراق ما هي إلا عذر حتى يأتي إلى المزرعة ليراها.. فوجدت نفسها تلقي بذراعها خلف عنقه وتقف على ركبتيها ليكون وجهها مواجها لوجه
يزيد.. أنا مش حلم.. أنا حقيقة.. يزيد.. خدني في حضنك.. حتى ولو لآخر مرة.. حتى لو كان وداع..
لم يدعها تكمل توسلها فهو يحتاجها بين أحضانه أكثر مما يحتاج الهواء الذي يتنفسه.. لقد أضناه بعاده عنها وحرقه شوقه إليها..
وأخيرا هدأت عاصفة حبهما وسكنت علياء بين ذراعي يزيد..
لم تتفتح الأبواب.. لم تتكسر النوافذ.. وبالتأكيد لم تهطل الأمطار أو تفور القهوة لتطفئ شعلة الڼار..
فقط كسرت الفراشة وحطمت أجنحتها...
الفصل الحادي عشر
جلس حسن بجوار منى حول مائدة على شكل نصف دائرة بإحدى الملاهي الليلية الشهيرة والملحقة بفندق خمسة نجوم.. وأمسك يدها ليضغط عليها هامسا
إيه رأيك.. أعملك امتحان دلوقت في دروس الأسبوع اللي فات..
تورد وجه منى بروعة سلبت لبه وقد ظهرت صډمتها جلية.. وهي تسأله بذهول
حسن!.. أنت بتقول إيه!!
قهقهة بشقاوة وهو يجيبها ببراءة مصطنعة
أنا قصدي دروس الرقص.. هو أنت قصدك حاجة تانية!
زمت منى شفتيها بفتنة تدعي الڠضب.. وتجيبه بدلال أدركت عشقه له بغريزتها
أنا كمان أقصد الرقص.. بس هتكسف أرقص قدام الناس..
جذبها من يدها ليتوجها نحو حلبة الرقص
ما تفكريش في الناس.. المهم أننا سوا..
رفعت ذراعيها ليطوقا عنقه وبدآ يتحركان على أنغام الموسيقى الهادئة برشاقة..
ابتسمت منى بخجل بينما أراح جبهته فوق جبهتها وسألها بجدية
سعيدة يا منى..
أغمضت عينيها بحالمية وهي تهمس
سعيدة دي كلمة قليلة على اللي بحس به وأنا معاك.. حسن.. أنت أحلى حاجة في دنيتي..
ضمھا إلى صدره بقوة وهو يخبرها بشقاوة
يعني المفروض أنا أعمل إيه دلوقت.. الكلام الحلو ده تقولهولي واحنا في بيتنا
بس.. وإلا أنا مش مسئول عن تصرفاتي!..
ضحكت برقة وهي تلقي برأسها على كتفه لتستمتع بدقات قلبه التي تدوي عاليا.. سعيدة بتأثيرها عليه فهو له تأثير مماثل عليها..
ظلا يتمايلان على الموسيقى وهما بين ذراعي بعضهما.. وحسن يطلب منها كل خمس دقائق العودة إلى الشاليه وهي تضحك له بإغاظة
خلينا شوية.. أنا مبسوطة وأنا بطبق دروسك عملي.. أقصد دروس الرقص.. أنت أستاذ شاطر..
توقف عن الرقص وجذبها هامسا
أنا قلت الكلام ده يبقى في البيت.. يلا قدامي.. عندك امتحان مفاجئ في دروس تانية..
ضحكت برقة وعادا ليجلسا على مائدتهما حيث أشار حسن إلى النادل ليأتي له بالفاتورة..
عادت منى تضحك وهي تسأله
إيه رأيك أما نروح تعلمني السباحة..
نظر إليها نظرة غامضة
ما ينفعش.. إلا لو اشتريت لك بحر خصوصي!..
ضحكت بذهول
ازاي يعني مش فاهمة..
يعني أنا مراتي مش هتلبس مايوه والناس تتفرج عليها.. أما نرجع بيتنا هعلمك في حمام السباحة بتاع الفيلا..
سألته بقلق
احنا هنعيش في الفيلا بتاعة باباك.. أنا كنت فاهمة غير كده..
تنهد پألم حاول أن يخفيه عنها
الأول هنعيش في شقتي.. أنا كنت بجهزها طول الفترة اللي فاتت.. لحد ما نصلح الأمور مع بابا..
مدت يدها لتتمسك بكفه وهي تخبره بدفء
إن شاء الله يا حسن كل الأمور هتتحسن..
عاد النادل وهو يخبر حسن بحرج أن البطاقة غير صالحة.. تعجب حسن بشدة ومنحه بطاقة أخرى ليعود النادل بنفس الرد.. تكرر الوضع مع بطاقتين آخرتين.. حتى شعر حسن بوجود شيء غير طبيعي.. وانتابه الحرج من الموقف وقد أدرك أن والده بدأ الحړب بالفعل..
لمح تبرم النادل الواقف أمامه.. فمد يده ليخرج بطاقة أخرى.. وهو يشكر يزيد بأعماقه فقد أصر عليه يزيد ليأخذها منه قبل لحظات من انطلاقه بالسيارة ليلة زفافه وهو يخبره أنها لن تضره بل قد تنفعه فالظروف غير مضمونة..
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهو يفكر بأن يزيد كان محقا وكما يبدو أنه توقع تصرف والده بتلك الطريقة..
انتهى الموقف المحرج وخرجت منى تتأبط ذراع حسن وهي تسأله بقلق
حسن.. هو في إيه..
ربت على يدها مطمئنا
ما تقلقيش يا منى..
إزاي بس.. طيب واللي حصل ده معناه إيه
أطرق حسن بحزن
معناه أن قدامنا حرب جامدة مع حاتم بيه العدوي..
ثم رفع رأسه وحرك ذراعه ليحيط كتفيها به ويضمها بشدة.. فضمت نفسها له أكثر وهي تطمئنه
أنا معاك وجنبك يا حسن.. دايما معاك..
طبع قبلة رقيقة على جبينها.. واصطحبها إلى شاليه يزيد وهو يشكره للمرة الثانية فيبدو أن والده لم يعلم مكانه بعد.. وإلا كان شرفه بالزيارة.. فحاتم العدوي.. لا يتهرب من المواجهة قط...
استيقظت نيرة في التاسعة تتأفف من آشعة الشمس التي تزعجها كل صباح وأخذت تتساءل للمرة المائة.. لم تشرق الشمس مبكرة هكذا في تلك المزرعة!..
تثاءبت للمرة الخامسة وهي تحاول العودة للنوم مرة ثانية ولكنها ما لبثت أن شعرت بافتقاد إزعاج من نوع آخر.. فعلياء عادة ما تأتي لإيقاظها في السابعة.. نعم السابعة... من يصدق أن تلك الصغيرة قادرة على سحب نيرة غيث من الفراش في السابعة!!.. وذلك حتى يمتطيا الخيل معا.. ثم تعودان لتناول الطعام سويا..
فين عليا..
سؤال تردد
متابعة القراءة