متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
المحتويات
التي أصابته منذ أن لمحها بفستانها الخفيف صباح اليوم.. حينها قرأت بعينيه أي جنون سيجتاحها به.. جنون هي غير مستعدة له خاصة الآن وقرار الفراق على بعد لحظات.. أنها فقط تريد سماع قراره بالابتعاد.. تحتاج أن تكون متيقظة لكلماته لا أن تكون مأخوذة به ومنه على الدوام.. أخذ يتأمل انفعالاتها المتوالية.. ڠضبها وحزنها.. لقد أبدت السعادة لرؤيته الليلة الماضية فقط لاشتياقها له.. ذلك ما لا يستطيع إنكاره.. ولكن منذ أن فتحت عينيها صباح اليوم وهي يلفها حزن غريب..
سألته بسرعة
ودتهم فين.. قطعتهم..
ابتسم بعبث
في حد عاقل يقطع حاجات حلوة زي دي برضوه.. أنا بس قفلت عليهم في مكان أمين.. وبعد كده أنا هشوف ايه اللي يعجبني واطلعهولك تلبسيه.. بس ليا أنا بس..
رمقته غاضبة بينما ارتسم على وجهها كل ما تفكر به حوله.. حتى أنه خشي للحظة أن تصارحه بكل ما يدور بعقلها خاصة في نوبة الاندفاع التي أصابتها..
في ايه.. فهميني.. ايه اللي جرى لك..
اتكلمي..
أخذت تتملص منه حتى تمكنت من الابتعاد لتجلس فوق العارضة الرخامية وقد ضمت ركبتيها إلى صدرها واحتضنتهما بذراعيها بشدة..
أغمضت عينيها وهي تحاول أن تخرج أفكارها إلى كلمات.. ولكنها كالعادة كانت أجبن من أن تغضبه أو تغضب منه.. فهمست أخيرا لتغير الموضوع
قفز أرضا ليتناول قميصه ثم ساعدها لترتديه.. وجلس بجوارها ليضمها نحوه وهو يداعب خصلاتها
عارفة كمان أظرف حاجة فيها ايه.. أنها قدام مبنى المجموعة على طول.. يعني هجيب منظار وأقعد أراقبك ليل ونهار..
هنا لم تستطع الاستمرار في التظاهر.. فغمغمت بمرارة
هو في منظار ينفع تشوفني بيه من دبي!..
أخيرا فهم السبب وراء جنون تصرفاتها..
تعرفي ايه عن موضوع دبي..
هتسافر وتاخدها.. وتسيبني..
يا علياء دي فترة بسيطة.. وأنت عندك دراسة.. يعني مش هينفع تسافري..
قفزت إلى الأرض ولفت قميصه حولها وأخذت تجول في أنحاء المطبخ.. تريد البكاء والصړاخ وإخباره أنه يعرضها لظلم شديد.. فهو سيتركها للجميع لمن يجرح ويهاجم بل ويتطاول..
تحرك خلفها ليضمها بقوة قبل أن تبتعد.. وهمس لها
همست وقد استكانت على صدره
صعب!.. بس صعب..
وظلم.. ظلم ليكي ولي..
سألته بتوتر
وبعدين ايه الحل..
الحل هو الطيارة.. أومال الطيارة اخترعوها ليه.. باقي أني أحاول توزيع وقتي..
أنت اخترعت الكلام ده كله دلوقت صح
أومأ موافقا
ايوه.. بس ده مش كلام.. ده قرار..
كټفت ذراعيها
وليه القرار ده
ضمھا إليه وهو يبتسم بخبث
عجبتني النومة على الرخامة قوي!..
همست في أذنه
أنت مش معايا خالص..
ايه اللي شاغل بالك..
حاتم بيه بيضغط على حسن قوي.. الموضوع تخطى خوف أب على ابنه..
أكملت هي
وصلوا لمرحلة العند لمجرد العند صح.
اممم..
أطعمته حبة عنب أخرى.. وعادت تسأله
وأنت ناوي تعمل ايه..
مد يده ليجذب رأسها مطالبا بقبلته.. فمنحتها له بسخاء.. وسمعته يجيبها
حسن مكتفني ومانعني اتدخل نهائي.. ومن جهة تانية مراقبة بابا لحسابي
في البنك وأي مصاريف مقيداني تماما..
كانت أناملها تتداعب صدره بلا هوادة.. وهو عدل من وضع جسده ليرفع رأسه قليلا ويحيط خصرها بإحدى ذراعيه فعلمت أنه على وشك حملها إلى غرفتهما.. فسارعت بالقول
مازن.. أنا تحت أمرك.. و..
قاطعها قبل أن تكمل
دنيا.. ما تفتحيش موضوع أنت عارفة ردي عليه كويس.. مش هيحصل أبدا أني أمد إيدي على فلوسك..
متفقين يا حبي.. بس عندي فكرة.. ممكن تسمعها..
كان قد رفع رأسه ليضعه على حاجز الأريكة ومد يده الحرة ليفتح أزرار الفستان الخفيف الذي ترتديه دنيا.. وبينما بدأ جولة عابثة بأنامله.. سألها وقد بدأ تركيزه في الاضمحلال
امممم... فكرة ايه..
بعدين هتعود على الدلع ده!..
ضحكت برقة وقد عادت تمرر أناملها برشاقة بين طيتي قميصه المفتوحتين
هو أنت لسه ما اتعودتش.. أنا شكلي بوظتك.. ونيرة الغلبانة مش هتقدر عليك.. في حد بياكل العنب مقشر!..
ابتسم بسخرية عندما سمعها تلقب نيرة ب الغلبانة.. وقبل أن يرد عليها سمعها تقول بضحكة مكتومة
بمناسبة نيرة.. أنا قلت لك قبل كده أني مش هتكلم على تفاصيل فستانها.. بس.. بس.. في معلومة صغيرة.. بيتهيألي لازم تعرفها..
رفع رأسه وهو ينظر لها بتوجس
أكيد الفستان مفتوح من كل حتة..
ابتسمت بغموض
المعلومة مش على الموديل.. عن اللون!
ردد بغباء
اللون.. ما هو أكيد أبيض.. فستان فرح هيكون لونه...
قطع كلماته ونظرة شقية تتألق في عينيها.. بينما قفز هو هاتفا
أحمر.. هتفصل فستان أحمر صح..
أطلقت دنيا ضحكة أنثوية عالية لو كان سمعها مازن في وقت آخر لكان سحبها على غرفة النوم مباشرة ولكنه تلك المرة قفز يبحث عن هاتفه ليتصل بنيرة ويختفي في إحدى الغرف.. بينما تلاحقه ضحكات دنيا العذبة التي خفتت قليلا لتتحول إلى ابتسامة شاردة وهي تتخيل كلامه مع نيرة الآن..
قد يكون من الطبيعي أن تشعر بالغيرة من نيرة.. المرأة التي ستشاركها رجلها قريبا.. ولكنها لا تفعل.. كيف تغضب من حبه لها!.. وذلك ما جذبها له من البداية.. ومن غيرها هي.. دنيا.. يدرك عڈاب عشق بلا أمل.. أو مستقبل.. عشق يطحن صاحبه.. ويستهلكه.. يقتات على نبضات القلب حتى يكاد يوقفه.. رحمة بالعاشق من عڈابه.. عشق عاشت مثيله بل أقوى مع سامر..
سامر.. حركت شفتيها باسمه.. لتشعر بمرارة ذكرياتها تجري بها مجرى الډم..
سامر.. جارها.. رفيق طفولتها.. توأم روحها.. كانت قصتهما أبسط من البساطة.. قصة تقليدية يتعثر بها الجميع يوميا.. فلا تلفت انتباه أحد..
الجار الوسيم.. وجارته الصبية الرقيقة ذات الجدائل.. وخطبة غير رسمية.. فالفتاة لم تكمل عامها الخامس عشر.. ولكن فتاها متعجل.. يريد الاطمئنان أن رقيقته.. ستكون له..
ولكن ما حدث لم يتوقعه الشاب.. فقد دار الزمن دورته.. والصبية الرقيقة.. تحولت لأنثى متفجرة.. خطفت أبصار الرجال قبل الشباب في حيهم البسيط.. بل وخارج الحي أيضا.. وهي كانت سعيدة.. وكيف لا!.. وهي تشعر بتفتح أنوثتها.. بالقوة التي منحتها اياها تلك الأنوثة.. سطوة الجمال لا يعلى عليها.. وإن اقترن بذكائها فهو خلطة مبهرة.. مدمرة.. مخيفة.. وسكن الخۏف قلب سامر.. ليزيح الحب شيئا فشيء.. زاد تحكمه.. كثرت أوامره.. تعالى صوته.. وهي بذكاء الأنثى الفطري استشعرت خوفه.. فاړتعبت خوفا من فقده.. حبيب العمر.. كيف يفكر أنها تنظر لرجل آخر.. أنها فقط تستعذب تغزل الآخرين بجمالها.. بفتنتها الوليدة.. لكنه هو.. رجلها الأوحد.. لا ترى آخر ولا تريد غيره هو.. وهو لا يهدأ.. ېصرخ.. فتصمت.. يأمر فتطيع.. يتحكم.. فتخضع.. ولكن قلبه لا يرتاح.. عقله تقتله الهواجس.. وهي تزداد فتنة.. أنوثتها قاټلة.. وخضوعها له جرأه.. ليمد يده.. ليس مغازلا.. كلا.. بل متعدي.. ضربها.. صفعها..
وهي ثارت ثائرتها.. برز جموحها وفقد سيطرته عليها..
خرجت من شرنقة أحكامه وأوامره.. ليعاقبها بارتباطه بفتاة باهتة.. ولكنها مطيعة عن حق.. خانعة بالطبيعة وليس التطبع..
قټلها بكلمته ليلة زفافه..
أنت ما تنفعيش للجواز.. هتتتسببي في جنون أي راجل تكوني ملكه..
تزوج هو.. تزوج من تريح باله ولا يقلق على ثبات عقله معها.. وانطلقت دنيا.. حاولت التحرر من حبه.. لم تفلح.. فتحررت من روابطها.. وقيودها.. اقټحمت سوق العمل.. ولم يكن أي عمل.. عملت بالإعلان.. فتاة اعلانات.. عارضة.. أو كما يدعونهن.. موديل..
نجحت.. تلألأت.. ظهر وجهها على صفحات المجلات.. نالت بعض الشهرة.. سعت بكل جهدها لتقهر حبها له.. لتتناسى ضعفها نحوه.. تضحياتها التي كادت أن تشمل كل شيء.. ولم يرض.. ولم تنس..
ليظهر هو.. سامر..
عاد مطالبا بها.. يذكرها.. بالعشق القديم.. بعهود الهوى.. وكأنها نسيت!.. وكأنها لم تنتظر عودته نادما.. في كل لحظة.. في كل نجاح تحققه.. كل خطوة تخطوها نحو الشهرة.. كانت تفعلها من أجله.. لتريه أنها لم ولن تتحطم.. وهو جاء أخيرا.. ليعلن استسلامه.. كلا.. ليطالبها هي مرة أخرى بالخضوع.. لتطاوع هواه.. بلا قيود.. بلا روابط أو مسميات.. طالب بها كعشيقة.. وصړخت هي..
مش ممكن أكون عشيقة باسم الحب..
طردته.. وتزوجت.. لم تهتم بمن يكون.. فقط.. سيصل بها لأحلامها..
فقد اعتزلت الغرام...
يصدح نجمها في عالم تصميم الأزياء.. وأموال زوجها تمنحها الحماية.. تفتح الأبواب الموصدة.. وتزداد الشهرة.. وېموت الزوج... لتزداد الثروة.. ومعها الطموح..
دار أزياء راقية.. فرع هنا.. وفرع هناك.. ويتألق اسمها.. وتتسع أعمالها.. حتى التقت به.. لم تتوقع أن تقابل من يقهر صدفة تقوقعها.. من يصل إلى الأنثى المتعطشة بداخلها.. من يقتحم أسوار امرأة الأعمال البارزة.. وسيدة التصميم الأولى كما تطلق عليها الصحف..
مازن.. ذلك الشاب المتقد ذكاء ورجولة.. هو المهندس المسئول عن مجمع الأزياء الذي تنوي انشائه.. وشعرت بالضعف.. ضعف لم يصادفها منذ سامر.. ليس حبا.. فحبها لسامر.. فقط.. حتى لو لوثه.. لكنها تمنح قلبها مرة واحدة.. وهي منحته لسامر ولم تسترده أبدا.. لكن مازن يدغدغ أنوثتها.. يجعلها تتفتح بنظرة شقية من عينيه.. ابتسامة هادئة كسولة تسبب لها عقدة في معدتها.. لا حل لها.. احتياج.. لم تعرفه من قبل..
ولكن كيف.. أنه يصغرها بتسع أعوام.. كلا.. لم يعجبها وقع العبارة.. هي تكبره.. كلا.. جملة سيئة أخرى.. بينهما تسعة أعوام.. فارق من العمر وليس في صالحها.. وهو عاشق ولكن ليس لها.. اعترف بها.. فقد تعمقت علاقتهما.. ولم تستطع الابتعاد.. وسمته صديق.. وصديقها عاشق.. وهب قلبه لمن ليست له..
باحت له بسرها.. أخبرته عن معشوقها الذي شوه العشق ولوثه خوفا من جموح معشوقته..
جموح لم يخشه مازن بل اقتحمه.. وفاجئها بعرض زواج..
تجمدت.. صعقټ ورددت
ليه..
ببساطة وقحة أجاب
عامين مرا على معرفتها به.. وعام ونصف على زواجهما.. وكلاهما يحافظ على الاتفاق.. يلتقيان عندما يريدا.. يحتاجا التواجد معا.. وليس بالضرورة احتياج جسدي مع أنه أساس الاتفاق.. فقط.. يمنحان الراحة لبعضهما..
صديق ذو فائدة..
هكذا يطلقون على علاقتهما.. Friends with benefits
عاد صوت صړاخ مازن على نيرة ليجذبها من شريط ذكرياتها.. فتسمعه يهتف پغضب
يا ستي أنا راجل تقليدي.. وعايز أشوف عروستي بفستان أبيض وطرحة.. صمت قليلا وهو يذرع الأرض أمامها جيئة وذهاب.. مستمعا إلى نيرة.. فيقطب حاجبيه بشدة.. ثم يرد صارخا پجنون
والله يا نيرة لو عملت فستان فرحك أحمر لآجي لك لابس بدلة فوشيا!..
وأغلق الهاتف پغضب ليرميه بعيدا.. بينما تعالت ضحكات دنيا المغوية.. ليجذبها إلى غرفة النوم.. ولم تنس اصطحاب.. حبات العنب معها..
فهو يحبها.. مقشرة.. ناعمة.. ومليئة بالاڠراء..
رمقت منى حسن وقد تعلق على سلم خشبي متحرك وهو ينهي طلاء آخر بقعة بسقف الغرفة.. التي قررا الانتقال لها.. تلك الغرفة التي رفضها حسن سابقا ولكنه لم يجد بدا من القبول بها الآن.. خاصة مع تغير أحوالهما..
عادت منى بذاكرتها إلى عشرة أيام أو أكثر مضت.. عندما ألقى حسن على مسامعها تلك الجملة التي زلزلت كيانها.. وكادت أن توقف قلبها هلعا..
أنا عايز أقولك على حاجة.. قرار أخدته.. وبتمنى تساعدني فيه.. ويا ريت اللي هعمله ده ما ينزلنيش من نظرك..
الجملة تتردد في عقلها.. ومعها عشرات التفسيرات.. وكلها تنتهي
متابعة القراءة