متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
المحتويات
لك حقك منه..
هنا لم تستطع علياء كبت دموعها أكثر فسقطت بغزارة وهي تعلم أنه لن يستطيع فعل شيء إذا علم أنها والدته من سلمتها لأهلها وكانت تهدف لقټلها وليس إيذائها فقط.. ولكن ما أنقذها حقا هو الطمع المتأصل في نفوسهم الشرهة..
كلميني.. ردي علي بس.. احكي لي عملوا فيكي إيه.. صدقيني سكوتك بيعذبني.. ولو عايزة تعذبيني أكتر احكي لي.. قولي كل اللي جواكي..
التفتت علياء ببطء لتواجه عينين ممتلئين بالكراهية والحقد وصوت سهام يدوي بكل مقت الدنيا
انكمشت علياء على نفسها وأحاطت بطنها بذراعيها تحمي طفلها بدون إرادة منها وهي تهتف پخوف
ابعد.. ابعدي.. عني.. أنا ع..ا ر ف..ة.. عارفة ك..ل ح..اجة..
كټفت سهام ذراعيها وأجابتها بسخرية
وناوية على إيه إن شاء الله!.. تحكي ليزيد عشان تبعديه عن أمه الشريرة!
وأطلقت ضحكات عالية جعلت علياء تعتقد أنها لم تكن في حالة عقلية سليمة.. وأردفت بغل
سقطت دموع علياء وشعرت أنها ستختنق بغصتها.. فسهام تضغط على جرحها بشدة.. لاحظت سهام صمتها ودموعها التي بدأت تهطل.. فاستمرت بقسۏة كلماتها.. وكأنها تريد أن تكمل انتقامها
رغم قسۏة كلمات سهام إلا أن شيء ما جعل علياء تنتفض لتواجه القسۏة الموجهة إليها.. لم تعرف من أين امتلكت القوة.. ربما طفلها هو من يحثها على المقاومة.. ربما كثرة چراحها لم تدع مكانا لچرح آخر.. ولكنها وجدت نفسها تتحرك من فوق فراشها لتواجه سهام وتهتف وسط دموعها المتساقطة
صړخت سهام وقد بدا تشوشها واضحا
عمرك ما أذيتيني!!.. أنت سړقت جوزي مني.. هدمت حياتي وډمرت بيتي..
كان بيروح هنا وهنا.. ويرجع لي أنا.. لحد ما عرفك.. و..
قاطعتها علياء بذهول
أن..ا..
عملت كده!.. أنا عليااااء!
وكأنها لکمتها في وجهها لتستفيق لواقعها صاړخة پجنون وكأنها تحدث نفسها
علياء.. نادية.. هتفرق.. نادية ملكته.. سرقته مني.. وسابت بنتها تكمل من وراها..
ثم هزت رأسها بقوة فتناثرت خصلاتها المصففة جيدا.. وبرقت عيناها بشدة وهي تقترب منها بشدة
أنت جريمتك أكبر.. أنت خطفت فرحة عمري كله.. خلتيني أشوفك في عيون ابني ليل ونهار.. كأنه عايش في ملكوت ما فيش فيه غيرك.. كان لازم حياتنا ترجع زي ما كانت قبل ما تظهري فيها.. وهو يتجوز ريناد.. ويفضل حبيب أمه وبس.. لكن أنت.. أنت.. أنت لازم تختفي من الدنيا!
صړخت بها علياء وهي تتراجع للخلف وتلف بطنها بذراعيها
ما تقربيش مني.. أخرجي بره..
اقتربت سهام وأمسكت بكتفي علياء وهي تهزها بشدة وتردد هاتفة
لازم تختفي.. لازم..
ماااامااا..
صړخة يزيد التي أتت من باب الغرفة المفتوحة وقد برزت حدقتاه ذهولا من المشهد.. والدته تهز علياء بشدة.. بينما علياء تلف ذراعيها حول بطنها ودموعها تتساقط وعلى وجهها ارتسمت أقصى درجات الړعب..
تحرك بسرعة لينتزع علياء من بين يدي والدته ليزرعها في صدره ويضمها بقوة بين ذراعيه محاولا السيطرة على نوبة الهيستريا التي بدأت تظهر علاماتها واضحة عليها وهي تتخبط بين أحضانه وتشهق بقوة متمتمة بكلمات غير مفهومة..
هتف بوالدته بقوة
ماما من فضلك سيبيني معاها لوحدنا..
تجمدت سهام وهي تسمع نبرة ابنها الحازمة والتي تناقض تصرفاته الرقيقة نحو الفتاة فهو يضمها.. يقربها.. يهمس لها.. يحاول طمأنتها وهدهدتها بكل الطرق.. وهي أمه يطلب منها الخروج بتلك اللهجة الباردة التي أعادها للمرة الثانية وهو ېصرخ بأمه
ماما.. من فضلك أخرجي بره الأوضة..
رمقته سهام بنظرة ضائعة ثم خرجت مهرولة من الغرفة وصورة ابنها وهو يضم عدوتها بين ذراعيه لا تنمحي من أمام عينيها..
أنت سيبتني لها.. سيبتني لوحدي.. لوحدي.. بعدت.. عني.. بعدت عني.. وأنا لوحدي.. كلهم.. كلهم.. سابوني.. آذوني.. ۏجعوني قوي.. ما فيش حد عايزني.. أنا عايزة ماما.. عايزة أروح لماما.. هقولها أنا مش رخيصة.. أنا متجوزة.. مش رخيصة.. ماما.. ماما..
ظلت تخبط رأسها بصدره وهي تناجي أمها وتبكي بلا توقف.. بينما هو ثبت رأسها بكفه زارعا إياها بصدره ومتمتما بأذنها
اهدي يا علياء.. اهدي الله يخليك.. مش هينفع تاخدي مهدئ ولا منوم.. هدي نفسك شوية..
أخذت شهقاتها تتعالى واستبدلت رأسها بقبضتيها وهي ټضرب صدره بقوة هاتفة
عايزة ماما.. أروح لها.. عايزة أروح لها..
وازدادت انتفاضاتها وهي تحاول التخلص من ذراعيه اللتين أحكمتا الطوق حولها.. حتى فقدت معظم قوتها وتهاوت
عارفة ليه عمري ما ناديتك باسم غير علياء..
سكنت شهقاتها قليلا وبدا أنها بدأت تستمع له.. فأكمل
اسمك بيوصفك يا علياء.. اسم أجمل وأغلى من أنه يختصر.. حتى لو بغرض الدلع والدلال.. مش بيقولوا كل واحد له نصيب من اسمه.. وأنت بقى اسمك بيوصفك كلك.. قلت لك قبل كده أنت غالية.. غالية قوي يا علياء..
سكنت بين ذراعيه وقد استسلمت لقبضته على خصرها وأخذت ترمش بعينيها الدامعتين وقد تعلقت الدموع بأهدابها.. وهي تستمع لكلماته التي يخبرها بها للمرة الأولى.. حرك جبهته قليلا.. ليتمكن من رؤية عينيها اللتين تحدقان في وجهه پخوف وأمل.. فقبل وجنتها برقة شديدة هامسا
جننتيني لما بدأت تقلدي نيرة في لبسها.. ما كنتش ببقى فاهم إيه اللي بيحصلي.. عايز أغطيك وأخبيك عن عيون الناس.. كنت ببرر ده الأول وأقول لنفسي.. أختي الصغيرة.. زي ما بابا كان بيقولي..
ابتسم بسخرية من حاله وأكمل لعينيها المنتظرة بلهفة تكملة حديثه
لحد ليلة الحفلة في النادي.. وأنت بترقصي مع مازن.. من جوايا اتأكدت أنك مستحيل تكوني أخت لي.. كل اللي فكرت فيه أني عايز أخدك من إيدين مازن وأخبيكي.. لأنك بتاعتي..
ازدادت قبضته حول خصرها وهو يهمس بشراسة
بتاعتي.. فاهمة إزاي بتاعتي..
اللي حصل بعد كده أني أثبت ملكيتي بغباء.. وأنت دفعت التمن..
عاد الحزن مرة أخرى يترقرق في عينيها مع الدموع وحاولت إبعاد وجهها عنه... ولكنه ثبته بشراسة لتسمع باقي كلماته وهو يخبرها
أنت بتاعتي.. مراتي..
ومد كفه يتحسس بطنها في شغف
أم ابني.. ومش هسمح لأي حد بعد كده يقلل منك.. ولا حتى أنت..
أغمضت عينيها فجرت إحدى الدمعات المعلقة في أهدابها وسألته في خفوت
ولا حتى مامتك..
عاد إليه مشهد والدته وهي تهز علياء بقسۏة لحظة دخوله الغرفة.. فزاد من ضمھ لها وهو يقول بحزم
ما فيش حد هيقرب منك ولا ھيأذيك تاني يا علياء.. ده عهد علي.. يا ريت تصدقيني وتسامحيني على اللي فات..
خرجت الكلمات منها قبل أن تستطيع منع نفسها
أنت سيبتني لوحدي..
اتكأ بجبهته فوق جبهتها ليهمس
لأني غبي!..
همست
بس أنا مش عايزة حاجة..
هز رأسه نافيا
لا.. المرة دي مش هينفع.. ومش هوافقك.. أنا بس اللي موقفني أنك توصلي لواحد وعشرين سنة عشان ما فيش حد من أعمامك يتدخل تاني..
أخفضت بصرها أرضا والتزمت الصمت ولم تجبه.. فمد يده ليرفع ذقنها حتى
تواجهه عيناها وسألها هامسا
عجبك الخاتم..
انتقل بصرها بدون إرادة منها الى الخاتم في بنصرها.. كانت الماسة ذات اللون الأزرق الشاحب تتألق في يدها.. وقد ارتكزت على قاعدة بلاتينية ودعمها من الجانبين.. وردتين ماسيتين براقتين.. كان مميزا بالفعل ولم ترى مثله من قبل وخاصة ماسته الملونة.. سمعته يهمس لها وهو يتناول يدها يقبل الخاتم بها
أنا طلبت الخاتم ده.. ولون الماسة الأزرق مخصوص.. ومن فترة.. ولسه الجواهرجي مكلمني الصبح عشان استلمه.. آسف أني اتأخرت عليك..
عادت لتلوذ بالصمت وكأنها تذكرت الآن أن تعاقبه بصمتها..
ابتسم بتفهم أمام صمتها الذي لاحظه على الفور.. ولكن ما يطمأنه أنها كفت عن البكاء.. وأمسكت قميصه بيدها التي ألبسها فيها الخاتم.. ويدها الأخرى الټفت حول خصره لتدعم نفسها.. وأغمضت عينيها وهي ترمي برأسها على صدره وتباعدت شهقاتها.. وبدا أنها ستخلد للنوم بين ذراعيه.. فاستمر يهمس لها بمواقف وأحداث مرت بهما معا.. بشعوره بالغيرة من مازن لأنه
وعلى بوابة المشفى أنزل مازن نيرة بعدما أحضرت لعلياء بضعة أشياء.. أهمها بضعة ثياب جديدة حتى تخرجها من ثوب المشفى الكئيب كما أخبرتها صباحا.. وقبل أن تستدير لمازن مودعة لمحت سهام تغادر المشفى وهي تركب سيارتها ومعالم التوتر والڠضب تحيط بها.. فقفزت من السيارة تركض نحو غرفة علياء.. وقد انتابها القلق الشديد عليها.. ولمح مازن اتجاه نظراتها.. فلحق بها مباشرة تاركا السيارة في مدخل المشفى.. فهو يملك شكوكه الخاصة نحو سهام.. ولكنه بالطبع لم يستطع مواجهة صديقه بتلك الشكوك حول أمه..
وصلت نيرة أولا إلى غرفة علياء لتجد الباب مفتوح على مصراعيه كما تركته سهام.. ولكنها تسمرت أمام مشهد يزيد الذي يضم علياء بين ذراعيه ويهدهدها كطفل صغير.. هامسا في أذنها بلا توقف بينما أغمضت عينيها باستسلام تستمع إليه ممسكة بقميصه بقبضتها.. وكأنها طفلة تختبئ بين أحضان أمها من قسۏة العالم..
شعرت نيرة بيد مازن على كتفها وهو يسحبها خارج الغرفة التي لم يشعر من فيها بوجودهما وأغلق الباب بهدوء وحرص.. وجذب نيرة ليتجها إلى خارج المشفى
سيبيهم مع بعض شوية يا نيرة.. ابقي ارجعي لها بالليل.. هي محتاجة وجوده معاها دلوقت..
جذبت يدها منه پعنف وهب تهتف
ما هو وجوده ده هو سبب المشاكل كلها!
توقف مازن ليواجهها
علياء تقدر تحل مشاكلها مع يزيد بسهولة.. ما فيش خوف عليها منه بالعكس هي لها سلطة عليه.. وسلطة كبيرة كمان.. من غير أي تدخل منك أو مني.. يلا بينا..
جلست بجواره في مقعد السيارة الأمامي.. بعدما اعتذر من أمن المشفى لتركه السيارة بتلك الصورة.. وسمعها تخبره
عارف.. كان نفسي ما يرجعش من دبي..
رفع حاجبا متسائلا
وعلياء.. مين كان ممكن يخرجها من تحت إيدين اعمامها..
أجابته بثقة
أنت كنت تقدر بسهولة مع الرجالة اللي كانوا معانا هناك.. بس كانت علياء هتفوق من وهم يزيد..
أدار مازن السيارة وهو يجبها بغموض
وعشان هو مش وهم يزيد رجع.. وبلاش تلعبي في دماغها.. أو تزرعي أي أفكار.. دلوقت
متابعة القراءة