متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه

موقع أيام نيوز


لكن إلى الآن تلك الخطط لم تفلح سوى في إبعاد يزيد أكثر وأكثر...
خرجت نيرة من شرودها على صوت علياء
هاااااااه.. إيه يا بنتي.. روحتي مني فين.. آه على الحب وعمايله.. واضح إن حسن دايب فيكي وبقى زي الخاتم في صوابعك
ضحكت نيرة بتكلف
طبعا يا بنتي.. وهي بنت السواق دي تيجي جنبي حاجة.. يللا بينا نروح المطعم.. لأني مواعدة حسن هناك..

ولكنها كانت تكذب بالطبع فهي علمت بالصدفة بوجود حسن في النادي ليتناول الغذاء مع شقيقه مازن ويزيد صديقهما الحميم... وقررت أن تباغته بظهورها المفاجئ لتجبره على الاعتراف بها في حياته.. وممارسة دوره كخطيب فخور للفاتنة نيرة غيث..
جلس الأصدقاء الثلاثة حول إحدى موائد المطعم الملحق بالنادي الشهير.. فجذبوا أنظار الجميع وخاصة النساء.. فكل واحد منهم يتميز بوسامة مميزة.. حسن بلون عينيه الزمردي النادر الذي تحسده عليه النساء.. ومازن بملامحه المنحوتة كأحد آلهة الأغريق.. ويزيد أكبرهم سنا وأكثرهم جذبا للأنظار بعينيه السوداوين التي تموج بالشقاوة والعبث وشعره الأسود الحالك.. وبشرته السمراء الجذابة.. كانوا اعتادوا على الالتقاء بانتظام.. ولكن ظروف العمل ومسئولياته جعلت أوقات لقائهم تتباعد أكثر وأكثر.. حتى أن يزيد لم يستطع حضور خطبة حسن لارتباطه بالسفر للخارج.. فقام بدعوة صديقيه على الغذاء كتعويض عن تقصيره في حقهما..
ربت يزيد على كتف حسن مهنئا
ألف مبروك يا معلم.. عقبال الفرح والليلة الكبيرة بقى..
ابتسم حسن ابتسامة بلا معنى وهو يجيب صديقه
أنت مصدق نفسك يا يزيد.. لا وعاملي عزومة وغدا!!.. وأنت عارف اللي فيها..
تبادل يزيد النظرات مع مازن الذي أشار له خفية بتغيير الموضوع... فأطلق ضحكة محرجة وهو يتوجه بحديثه إلى مازن
وأنت بقى ناوي تقعد كده.. عايز تبقى أنت السينجل الوحيد اللي فينا.. يللا شد حيلك كده.. عشان نفرح فيك.. أقصد بيك أنت كمان..
ابتسم مازن بمرارة وهو يقول بسخرية
يللا يا سيدي إيدي على كتفك.. عندك عروسة لي.. بيتهيألي ريناد ما عندهاش أخوات بنات..
ابتسم يزيد
ريناد ما فيش منها اتنين.. هي ريناد واحدة بس..
ثم أردف بعبث
أنت بس شاور.. وهتلاقي البنات بتترص قدامك طوابير.. أنا فاكر أنهم كانوا أيام الكلية بيطنشوني أنا وحسن وبيموتوا عليك أنت..
ضحك مازن
أيوه يا سيدي قر بقى.. ما تسيبني سينجل ومرتاح..
دخلت نيرة بصحبة علياء في تلك اللحظة ولمحهما حسن من بعيد.. فقال بسخرية
خلاص يا مازن عروستك جت أهي!..
تبع مازن نظرات حسن والتقت نظراته بنظرات نيرة فشحبت ملامحه على الفور ولم يفهم ما يعنيه حسن.. فسأله بتوتر
عروسة!!.. عروسة مين دي!.. قصدك أيه يا حسن..
أشار حسن بعينيه نحو الفتاتين
أقصد علياء.. وكده يبقى زيتنا
في دقيقنا زي ما بيقولوا..
جاء الدور على يزيد لتشحب ملامحه قليلا وهو يقول بجدية
علياء إيه يا حسن.. إيه الكلام الفارغ ده!.. دي لسه عيلة صغيرة.. خلي بس نيرة تبعد عنها وتبطل لعب في دماغها..
الټفت مازن بدهشة إلى ملامح يزيد التي زادت انقباضها بعد رؤيته لما ترتديه علياء.. والعيون التي ترمق جسدها الشاب بنهم.. وسمعه يغمغم پغضب
ماشي يا علياء.. حسابك بعدين.. أنا هعرفك ازاي تلبسي لبس زي ده تاني..
زادت دهشة مازن عند سماعه تلك الجملة.. وهز رأسه حائرا
أرسى لك على بر يا صاحبي.. أنت عايز مين فيهم.. ريناد ولا علياء..
سمع يزيد همس مازن لنفسه فقطب غاضبا
مازن!... أنت بتقول أيه!.. أنا..
قاطعه مازن
أنت مش عارف أنت عايز إيه..
أجاب يزيد بإصرار
ريناد طبعا..
سأله مازن مشككا
متأكد..
أشاح يزيد بنظره بعيدا وهو يجيب بخفوت
أيوه..
قاطع حسن حديثهما
أنتوا بتوشوشوا على إيه.. أنت صدقت بجد يا مازن وهتخطب علياء ولا إيه..
أجاب يزيد بخشونة
خلاص يا حسن.. أقفل الموضوع ده.. البنت جاية ومش لازم تسمع كلام زي ده.. زي ما قلت دي لسه طفلة..
اقتربت الفتاتان.. منهم وهنا انقلبت ملامح مازن وهو يرى ملابس نيرة وانتظر أي تعليق من حسن ولكنه بدلا من ذلك سمع صوت يزيد وهو يصيح بعلياء
أيه اللي أنت لابساه ده يا هانم.. اتفضلي قدامي على البيت.. خليني أروحك بدل المسخرة دي اللي أنت عاملاها في نفسك..
واستأذن منهم وهو يسحب علياء من ذراعها بدون حتى أن يلقي التحية على نيرة أو يهنئها بالخطبة.. فهز مازن رأسه هازئا..
وبتقولي متأكد من اللي أنت عاوزه!!..
سأله حسن مستفهما عما يقصد.. فاعتذر مازن وانطلق هو الآخر راحلا.. تاركا حسن بصحبة نيرة..
الفصل الثالث
انطلق يزيد بسيارته بسرعة تنم عن غضبه الشديد بينما التزمت علياء الصمت وقد شعرت بالتوتر الشديد وهي تلمح اشتداد يديه على المقود في محاولة منه للتحكم بغضبه...
انتفضت بقوة عندما سمعت صوته يقول پغضب مكتوم
كام مرة قلت لك تاخدي بالك من طريقة لبسك
سكتت علياء وأخذت تفرك يديها معا بتوتر فصړخ بها
ردي..
تلعثمت بشدة وهي تحاول الدفاع عن نفسها
بس أنا لبسي محترم.. مش قصير ولا مكشوف.
علياء.. أنت فاهمة إني غبي.. ولا عايزة تستغبيني!..
لا.. بس..
من غير بس.. اللبس اللي أنت لابسة ده ما يتلبسش تاني.. اللبس المحترم يستر صاحبته مش يخلي عيون الخلق تنهش فيها.. مفهوم..
سكتت ولم ترد فأكمل هو مغلقا الموضوع
انتهينا.. بطلي تمشي ورا نيرة.. أنا مش فاهم إيه اللي عجبك فيها..
كادت أن تصرخ به..
لأنها الوحيدة اللي بتهتم بيا.. الوحيدة اللي بتسمعني وتساعدني من غير ما تحسسني إني حمل تقيل أو انسانة غير مرغوب في وجودها..
كانت الكلمات على لسانها ولكنها ابتلعتها كالعادة حتى لا تغضبه.. فهي لا تحتمل أن يكون على خلاف معها..
سمعته يسألها
وصلت امتى..
النهارده الصبح بدري..
وأكملت وكأنها تبرر سبب حضورها من المزرعة
جيت علشان أقدم في مكتب التنسيق.. النهارده آخر يوم..
سألها بتأنيب
وأنت ايه اللي مأخرك لآخر يوم.. هو أنا مش بعت لك السواق من يومين ورجعتيه من غير ما تيجي معاه بحجة إنك لسه بتفكري..
رمقته بذهول.. فلم يحدث أي من هذا على الإطلاق.. وهل هي مچنونة لتفوت فرصة القدوم إلى الفيلا لتراه حتى ولو خمس دقائق!!..
لمح ذهول نظراتها فسألها بتشكك
ايه.. حصل ده ولا محصلش..
أدارت وجهها نحو النافذة ولم تجبه.. فهي إن أخبرته أن أي من هذا لم يحدث ستسبب الأڈى للسائق المسكين فمن المؤكد أن من أمره بعدم الحضور سهام هانم.. والرجل لن يستطيع مخالفة أوامرها...
كانت تلك الأفكار تدور أيضا في رأس يزيد.. لذا سألها بخفوت
مين جابك النهارده..
التفتت له وهي تجيب في خفوت
نيرة.. مرت علي في المزرعة.. وأخدتني مكتب التنسيق.. وبعدين طلعنا على النادي..
زفر بغيظ
نيرة تاني!!
استاءت من ازدرائه لصديقتها فهتفت بغيظ
وإيه يعني!.. هو يعني كان في حد غيرها اهتم بيا ولا عبرني!..
وضعت يدها على شفتيها لتكتم باقي كلماتها.. فهي لا تريد الشكوى.. لن تطلب الاهتمام من عائلة عصام الغمراواي.. لن تكون مٹيرة للشفقة أبدا... فهي أدركت منذ سنوات أنها لا تمتلك أي حقوق في ذلك المنزل.. فقط عليها أن تتلقى فتات الاهتمام التي يلقون بها إليها وتكون شاكرة على ذلك.. ولا تجرؤ على الشكوى حتى لا تكتسب عداوة سهام.. فهي عدو شرس.. لا ترغب في إثارته أبدا..
مرر يزيد كلماتها فهو يعلم أنه لن يستطيع تغيير قلب أمه نحوها وسألها بتقرير
كتبت فنون جميلة رغبة أولى صح
هزت رأسها نفيا واجابت بصوت مكتوم
لا.. كتبت آداب..
الټفت اليها بدهشة
إيه!!!.. آداب.. ليه!.. واللوحات والتصميمات اللي مليتي بيهم المزرعة دول إيه..
أدارت وجهها مرة أخرى نحو النافذة حتى تخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها
آداب أفضل.. مش هكون مضطرة إني آجي من المزرعة يوميا.. ممكن مرة أو اتنين في الشهر لكن فنون جميلة.. لازم الحضور كل يوم.. وده هيكون مجهود كبير.. و..
قاطعها پغضب
إيه الكلام الفارغ ده!.. مجهود إيه وحضور إيه!!.. ما هو أنت طبيعي هتقعدي عندنا في الفيلا.. إيه اللي يخليكي ترجعي المزرعة
التفتت له بسرعة فلمح العبرات المتجمدة بعينيها.. فأعادت وجهها سريعا نحو النافذة تتأمل الناس خارج السيارة.. كم واحد منهم استطاع تحقيق حلمه.. وكم منهم وأد حلمه في مهده مثلها.. فالمكالمة التحذيرية من سهام هانم والتي تلقتها وهي في طريقها إلى مكتب التنسيق _بعدما أخبرها جواسيسها في المزرعة بالطبع بوصول نيرة حتى تصطحب عليا وتقدم أوراقها_ ما زالت كلماتها ترن في أذنيها..
اختاري أي كلية نظرية لو ليكي رغبة تكملي في الجامعة.. أنت عارفة إني مش هقبل وجودك في بيتي فما تفرضيش نفسك علي عشان ما تندميش..
هتافه باسمها جعلها تلتفت له لتخبره على عجل
خلاص.. أنا اخترت آداب وواثقة إني هقبل فيها.. ما فيش داعي لدوشة الكليات العملية..
كان يعرف أنها تكذب... لقد صدعت رأسه برغبتها في دراسة الفن.. تارة تتوق لدراسة الفن التشكيلي.. وتارة تحلم بأن تكون مصممة أزياء.. وأحيانا أخرى مصممة ديكور.. وأخيرا كانت تحلم بأن تكون مصممة جرافيك.. كان الرسم هو الهاجس المسيطر عليها.. لم تخلت عن حلمها.. وقررت اتباع الطريق السهل.. هل تلك إحدى الأعراض الجانبية لصلتها الوطيدة بنيرة.. أم أن والدته لها يد في ذلك..
هم بسؤالها ولكنهما كانا قد وصلا إلى الفيلا.. فأوقف السيارة لتقفز هي بسرعة خارجة منها قبل أن يتمكن من توجيه أي سؤال.. حاول اللحاق بها...
حتى يتأكد من شكوكه ولكن صوت أمه أوقفه وهو يسمعها تسأل علياء بكره
أنت!!.. ايه اللي جابك على الفيلا.. ما رجعتيش على المزرعة على طول ليه..
تلعثمت علياء في الرد وقد جمدتها الكراهية الخام في صوت سهام.. فاندفع يزيد يخبر والدته وقد تأكد إحساسه بأن والدته هي وراء تغيير رغبات علياء.. فعلى ما يبدو أنها تعلم بوجود علياء في المدينة
أنا جبت علياء معايا من النادي يا ماما..
سمع صوت رقيق يأتي من خلفه
ازيك يا بشمهندس.. إيه.. مش ناوي تسلم!!
الټفت إلى صاحبة الصوت وهو
يهتف بلهفة
ريناد!!..
مدت يدها إليه فتناولها بلهفة وهو يجذيها قليلا مقبلا وجنتها
ريناد عندنا.. يا مېت ألف أهلا وسهلا..
ضحكت ريناد برقة وهي تسير بجواره بعد أن طوق خصرها بذراعه واستئذن من والدته بنظرة سريعة.. انتهزتها ريناد لتمنح علياء نظرة مشټعلة بالغيرة.. وكأنها تحذرها من الاقتراب منه..
تلقت علياء نظرة ريناد بغيظ خاصة وهي تلمح ملابسها التي تشبه إلى حد بعيد ملابس علياء والتي أقام يزيد الدنيا عليها.. ولكن كل ما تفعله ريناد هو مقبول ومسموح به.. تمتمت علياء بغيظ..
أنت محتاج فحص دماغ يا يزيد.. لأن اللي بتعمله ده اسمه شيزوفرينيا..
عليا...
أوقفها صوت سهام الصارم.. فالتفتت نحوها في تردد
هبعت لك غداكي في أوضتك.. وبعد كده هيوصلك السواق على المزرعة..
أومأت موافقة بصمت واتجهت إلى غرفتها بسرعة ولكن ليس قبل تلقي نظرة على الحبيبين اللذين كانا توغلا داخل حديقة الفيلا ولكنها استطاعت أن تلمح ريناد وهي تحاول جاهدة التملص من عناق يزيد..
جلست نيرة أمام حسن على المائدة التي فرغت تماما إلا منهما وسألته بلوم
كده برضوه يا حسن.. أسبوع يعدي من غير ما تحاول تيجي تشوفني ولو مرة واحدة..
رد باقتضاب اغاظها
كان ورايا شغل كتير قوي..
سألته بدلال
يعني الشغل أهم مني..
معلش يا نيرة..
 

تم نسخ الرابط