متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
المحتويات
كلمات الرفض تخرج من شفتيه.. فكل ما يرغبه الآن أن يلكم مازن_صديقه المفضل_ على أنفه..
وهذا الشعور على وشك اصابته بالجنون.. لذا مرغما وافق ريناد واصطحبها خارجا حيث الهواء النقي الذي يرجو أن ينقي أفكاره ايضا..
رمقت نيرة حسن بنظرات عاشقة وهي تسأله
برضوه لسه زعلان من الفستان..
سألته هذا السؤال لتطمئن على موقفه منها فعندما وصل لاصطحابها كانت ترتدي ثوبا آخر.. يكاد يكون ڤاضحا.. فكان طوله بالكاد يصل إلى أعلى ساقها..
نيرة.. أنا مش بحب أفرض رأيي.. بس أنت شايفة أنه كان عادي أسيبك تخرجي بالشيء اللي كنت لابساه ده..
اقتربت منه تمسك بيده بأناملها الطويلة
أنا مش زعلانة.. أنا مستعدة أعمل كل اللي أنت تطلبه.. أغير نفسي زي ما تحب.. المهم أنك ترضى علي..
رمقها بذهول
غريبة!!...
سألته بقلق
ليه..
كلامك ده مخالف لنيرة اللي أنا أعرفها..
قررت مؤقتا تعديل معاملتها لحسن بأن تظهر له الخضوع واستعدادها الكلي للتغيير من أجله
أوووه.. يا حسن.. أنا هكون اللي أنت عايزه.. ده عشان خاطرك أنت بس..
يحاول جاهدا إظهار جوانب الإختلاف بينه وبينها حتى تتأكد هي من استحالة ارتباطهما.. ولكنها تناوره بمهارة شديدة..
حسن.. حسن.. مش هنرقص إحنا كمان..
الټفت إلى ساحة الرقص ليجد إن مازن يصطحب علياء للرقص.. بينما الفرقة الموسيقية بدأت تعزف أحد الألحان المميزة لرقصة التانجو..
هز حسن رأسه نافيا
لا.. مازن بيرقص تانجو أحسن مني.. خلينا للرقصة الجاية..
برمت شفتيها بغيظ بينما أخذت تراقب مازن وهو يمد ذراعه على طولها لتقف علياء مواجهة له وتقوم بالمثل.. ثم تضع يدها في يده ليجذبها قريبا منه بينما هي تفرد كفها الأيسر على ظهره وترفع وجهها لتواجهه.. ليدورا معا عدة مرات حول ساحة الرقص قبل أن يفلتها مازن لتستند على ذراعه الأيسر حتى يتلامس كفاهما فيعود ليجذبها مطوقا خصرها بذراعه ويضمها إلى صدره.. فيما ترفع هي ساقها اليسرى قليلا لتلفها حول ساقه اليمنى.. ليعود ويلفها حوله لمرتين بينما طبقات ثوبها المتعددة تلتف حولهما ثم يضمها إليه جاعلا ظهرها ملاصق لصدره.. فترتفع ذراعها لتطوق عنقه ويرفعها من خصرها لتواجهه ثانية ثم يطلقها مرة أخرى لتدور حوله عدة مرات لتكون بطيات ثوبها سحابة سماوية رائعة..
استمرت الرقصة عدة دقائق أخرى قبل أن ينهيها مازن حيث جذب علياء التي انثني جذعها فوق ذراعه حتى وصل شعرها إلى أرض القاعة..
تعالى التصفيق من الراقصين حولهما ومن الجمهور أيضا تحية لهما على مهاراتهما الواضحة..
ساعد مازن علياء على الاعتدال فطوقها بذراعه حتى تستعيد اتزانها.. بينما تابعت عيني نيرة ما يحدث وقد انتابها ڠضب غير مفهوم..
ڠضب.. لو كان لمحه مازن لرقص قلبه فرحا.. لكن ما جذب نظره هو عيني يزيد الذي كان يرسل إليه نظرات كفيلة بإثارة الړعب لقبيلة من الرجال..
فيزيد كاد أن يجن محاولا تفسير ذلك الڠضب الذي يشعر به من مراقصة مازن لعلياء..
علياء التي بدت الآن بريئة كالملاك.. ومغرية كالخطيئة..
الفصل الخامس
جلست علياء على إحدى الأرائك الحجرية المنتشرة على الشرفة حيث اصطحبها مازن بعد انتهاء رقصتهما.. حتى تنعش نفسها قليلا بالهواء النقي.. كما أخبرها مازن الذي ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة وهو يلمح محاولة يزيد للتقدم منهما تلك المحاولة التي أحبطتها ريناد بفاعلية حينما تعلقت بعنقه استعدادا للرقصة القادمة... فما كان منه إلا جذب علياء نحو الشرفة الخارجية.. بعيدا عن جموع الشباب الذين بدءوا بالتحلق حولها طمعا في مراقصة فراشة الحفل.. كما اطلقوا عليها...
وقف مازن أمامها وهي تتأوه بنزق بينما تخلع صندلها وتفرك أصابع قدميها في الأرض المكسوة برخام فخم
آآآآه.. يااااه.. أنت عارف أنا بقى لي قد ايه ما رقصتش تانجو.. يجي خمس سنين..
ضحك ضحكة خفيفة وهو يسألها
خمس سنين!!.. ليه هو أنت اتعلمت الرقص وأنت عندك كام سنة..
ضحكت علياء بسعادة وهي تسترجع أيام سعيدة بالنسبة لها
أنا اتعلمت الرقص قبل المشي.. ماما الله يرحمها قبل ما تتجوز كانت راقصة باليه محترفة.. علمتني حاجات كتيير.. ولولا الظروف كان ممكن احترف الرقص.. على الأقل الباليه.. لكن ۏفاة بابا.. وتحكم أعمامي.. أجبر أمي أنها تهرب منهم.. لكنها ما قدرتش تبعد عن الرقص.. ففتحت صالون لتعليم الرقص كان في جزء للبنات الصغيرين كانت بتعطيهم مبادئ للباليه.. وجزء تاني لرقص الصالونات.. وال تانجو وسامبا وحتى سالسا.. وأنا بقى كنت معاها على طول.. أخرج من المدرسة.. جري... على قاعة الرقص.. أراقب.. وأتعلم.. وأما كبرت شوية بقيت أشارك في الدورات اللي ماما بتنظمها.. لحد ما اتجوزت عمو عصام.. و.. بدأت تتعب.. و..
أدرك مازن أن ذكرياتها السعيدة انتهت پوفاة والدتها فحاول تغيير الموضوع
بصراحة أنا اتفاجئت.. طول الوقت بتخيلك في المزرعة بين الخيل والزرع.. سرحانة في عالم لوحدك.. بترسمي لوحاتك.. زي ما يزيد بيقول.. بس أنت بترقصي روعة.. محترفة فعلا..
أجابته بخجل
أنت كمان بترقص كويس قوي..
ضحك وهو يخبرها
آه.. هقولك سر.. جدتي كانت بتصر أننا ناخد دروس في الرقص.. حسن كان دايما بيهرب.. وأنا اللي كنت بتدبس.. بس دلوقت.. زي ما أنت شايفة.. أكيد هو ھيموت من الحسد.. وهو شايفني برقص مع فراشة الحفلة..
ابتسمت علياء بخجل ولم ترد على إطرائه الرقيق.. وعاودت ارتداء صندلها.. ووقفت تستعد للدخول الى القاعة.. فسألها بفضول
عايزة تدخلي ولا ايه..
أومأت موافقة
ايوه ما يصحش نتأخر بره أكتر من كده..
سكتت قليلا.. ثم أخبرته بتردد
أنا متشكرة قوي..
أجابها بعجب
على إيه!..
على الرقصة.. و..
احتارت ماذا تقول له.. فهو أنقذها من ليلة كانت ستقضيها وحيدة تراقب يزيد يراقص ريناد.. ونيرة تشاغل حسن.. كل شخص له من يؤنس وحدته ما عدا هي..
قالت بتردد
وعلى كل حاجة..
ربت على كتفها بمودة
أنت زي أختي الصغيرة يا عليا.. لو احتجت أي حاجة..
شدد على جملته ثانية
أي حاجة يا عليا.. أوعي تترددي تتصلي بيا.. ماشي..
أومأت موافقة وقد بدأت تترقرق دموع الإمتنان في عينيها لصدق كلماته فتحركت حتى تدخل القاعة بسرعة وتحرك ليدخل معها عندما رن جرس هاتفه.. فالتقطه ليرى من المتحدث.. اقتربت منه هامسة
على فكرة.. نيرة كانت متضايقة قوي من رقصنا سوا..
تجمدت يده على الهاتف وهو يلمح الصغيرة تدلف إلى القاعة وهي تشير له أنها ذاهبة إلى غرفة السيدات.. وبذهنه يتردد ألف سؤال..
ما الذي تقصده الصغيرة.. وهل حقا ڠضبت نيرة لرقصه مع علياء.. ولماذا تغضب..
دار عقله بدوامات من الأفكار بينما تعالى رنين هاتفه للمرة الثانية.. فأجابه وهو غائب مع أفكاره ليجد عم نصر على الهاتف ليخبره بموافقته على عرضه السابق بالعمل على السيارة الأجرة لصديقه..
أجابه مازن بارتياح
ألف مبروك علينا وجودك معانا يا راجل يا طيب.. العقد هيكون جاهز عشان تمضي عليه بكره إن شاء الله..
جاءه صوت نصر المحرج
بس.. مش الأول افاتح والدك في أني هسيب الشغل معاه.. دي الأصول يا بني ولا ايه..
براحتك يا عم نصر.. العقد موجود والعربية كمان مفاتيحها معايا.. في الوقت اللي يناسبك.. نبدأ إن شاء الله..
أغلق مازن هاتفه والټفت ليفاجئ بيزيد في مواجهته.. وإمارات الڠضب تبدو على وجهه..
ما أن اقتربت علياء من الباب المؤدي إلى غرفة السيدات حتى سمعت النقاش الساخن الذي يدور بين ريناد ونيرة.. حيث سمعت صوت نيرة يسأل باستفزاز
صحيح يا ريناد.. هو انتوا لسه ما حددتوش الفرح.. ايه هو يزيد ناوي يقضيها خطوبة وبس..
ثم أطلقت ضحكة ساخرة عالية قطعتها على الفور عندما أجابتها ريناد باستخفاف
لو كان على يزيد كنا اتجوزنا من شهور.. بس في حاجة اسمها.. إنك تعززي نفسك عند خطيبك.. تخليه هو اللي هيتجنن علشان يجمعكوا بيت واحد.. بس يمكن أنت بس ما سمعتيش عن الحكاية دي..
دفعت علياء الباب بقوة لتدخل قبل أن تتهور نيرة وتقوم پقتل ريناد أو فقأ عينيها..
مساء الخير..
ألقت التحية في هدوء.. فلمحت النيران المشټعلة في أعماق عيني نيرة.. وهي ترمق ريناد بنظرات كفيلة باحراقها حية..
أما ريناد فما أن رأت علياء حتى أخبرتها بهدوء يخفي وراءه ڠضب
حلوة الرقصة بتاعتك يا عليا..
شكرتها عليا في هدوء
متشكرة قوي..
صمتت الفتيات الثلاث بينما كان حديث النظرات أبلغ مما يمكن ان تعبر عنه أي كلمات..
وأخيرا استأذنت ريناد لتخرج تاركة علياء مع نيرة وحدهما.. فتكلمت عليا بتردد
هو حصل ايه.. شكلك متضايق قوي.. هي قالت لك حاجة ضايقتك
رمقتها نيرة بنظرة فاحصة.. لا تعلم إذا ما كانت سمعت تعليق ريناد المستفز حول وضعها مع حسن.. أم لا.. ولكنها تعلم تمام المعرفة أن علياء تحبها ولن تشمت بها أبدا.. ورغم أن رقصتها مع مازن أشعلت مراجل الڠضب بأعماق نيرة.. ولكنها لا تستطيع الصړاخ بها أو حتى الڠضب منها.. لا تعلم ماذا يوجد بهذه الفتاة ويمنعها من إظهار طبيعتها السيئة معها..
أجابتها بهدوء
لا ما تقلقيش.. العادي اللي بيني وبين ريناد.. بس هي عندها حق.. رقصتك كانت حلوة وملفتة قوي..
قالت كلمتها الأخيرة بنبرة غير مفهومة.. فسألتها علياء بقلق
يعني إيه ملفتة.. قصدك إيه يا نوني..
أمسكت نيرة كتفي علياء وهي تخبرها بهدوء
أنا عارفة أني قلت لك تحاولي تخلي يزيد يغير.. بس مش لازم مع مازن..
رفعت عليا يديها إلى وجهها وهي تشهق بقوة
يا خبر.. لا يا نيرة.. أنا مش ده كان قصدي.. أنا بس حبيت أرقص.. رجعت لذكرياتي مع ماما.. صحيح كنت بفكر بيزيد.. لكن ما حاولتش استخدم مازن أبدا..
سكتت قليلا وهي تنزل يديها لتخبر نيرة بلهجة رقيقة
مازن ده إنسان جميل قوي.. هو أخد باله إني لوحدي وكده.. فعرض علي نرقص..
لمعت شرارات ڠضب في عيني نيرة
وبعدين عملتوا إيه في الفرانده بعد كده..
أجابت عليا بنفس اللهجة الرقيقة
نيرة.. هو مازن يهمك.. أقصد..
أشاحت نيرة بيدها وهي تنفي بقوة
لا طبعا.. أنت بتقولي إيه.. أنا بس مش عاوزة تحصل مشاكل.. خاصة أنه مازن ويزيد أصحاب قوي..
أومأت
متابعة القراءة