روايه بقلم ساره المصرى
المحتويات
شىء فيها صوتها رائحتها عينيها
واه من عينيها
كم عانى من اعراض انسحاب ادمانه لهما طيلة السنوات الماضية
اعراض لا يملك لها دواء ولا يجد لها ترياق فهى السم والدواء فى الوقت ذاته
حصل على عنوانها من ايلينا التى اخبرته
انها تتابع حملها مع احد الاطباء وستعود الى القاهرة بعد يومين
واخيرا الان هو امام منزلها لا يفصله عنها سوى تلك البوابة الحديدية لسور المنزل الذى يحيط بالحديقة نظر من بين قضبانها وهو يحاول ان يتوازن وان يصدق ان الزمن لم يعد حاجزا بينهما وكل ما يبعده عنها هى تلك الامتار القليلة
نعم انها هى الحورية الجميلة تتهادى على السلم الخارجى للمنزل فى تعب لتقترب من طاولة مستديرة وتجلس على كرسى قريب منها
لم تستطع تلك الامتار السخيفة ان تخفى حزنها البادى بوضوح على وجهها
هو ليس حزن لحظة على ۏفاة امها بل حزن سنوات تراكمت همومها بداخلها
هموم كان له النصيب الاعظم فيها ويدرك هذا جيدا ويعرف انها ربما لاتغفر له
هل من حقه ان يسألها ان كانت لاتزال باقية على ذلك الوعد الذى قطعاه على نفسيهما فى لحظة جنون راقبها وهى تمرر يدها فى شعرها الاشقر الناعم لتجمعه الى كتفها الايمن كعادتها القديمة
مد يده فى تردد واضح وضغط الجرس
ضغط مطولا حتى رفعت نظرها اليه
انتفضت من مكانها حين رأته وتسمرت للحظات دون حراك وهى تضع يدها على صدرها
رمقته بنظرات لم يجد لها تفسير قبل ان تتحرك فى بطء لتقف امام البوابة وتهمس فى حزن
زين
همس فى عشق وهو ينظر الى عينيها دون ان يسبل اهدابه للحظه
صوفيا
امسكت بقضبان البوابة للحظات كأنها تحاول التماسك فلامس اناملها وهو يكرر بعقل غائب وقلب تائه وعيون مشتاقة
شعر ببرودة أناملها تماما كالسابق تمنى لو حجزهما تحت يده العمر كله ولكنها حركتهما لتفتح البوابة فى بطء
وقفت أمامه للحظات قبل أن تخفض رأسها وتشير له كي يتبعها الى مائدتها المستديرة وقبل ان تصل بخطوات استدارت له فجأة
حمد لله ع السلامة
ابتسم وهو يمنع نفسه بصعوبة من الاقتراب منها وضمھا وتمنى لو كانت لازالت على چنونها كما فى الماضى وتولت هى هذا الامر فاقترب قائلا في شوق
وحشتينى يا صوفيا
ابتسمت فى حزن
فعلا وحشتك
رد وهو يقترب خطوة اخرى
انتى بتسألينى فعلا
الافعال دايما بتثبت ان الكلام ولا حاجة
لمح نبرة اتهام فى صوتها فرد مسرعا
ليكى كل الحق بس انا كنت ضايع صوفيا كنت حاسس بعجز رهيب كان لازم ارجع زين اللى حبتيه كان لازم اكسب التحدى اللى اتحديته لنفسى
عقدت ساعديها أمام صدرها تسأله كأنها لاتهتم
وكسبت التحدى كسبته ومفكرتش خسړت ايه قصاده
اغمض عينيه يقاوم ألمه ليهمس فى رجاء
صوفيا ارجوكى نس
اوقفته بكفها
من فضلك خلينى اتكلم طول الوقت قبل كدة وانت اللي بتتكلم وانا بسمع وبنفذ وبس انت راجع بعد تلات سنين بمنتهى البساطة تقولى انى وحشتك تلات سنين مفكرتش فيهم فيا مفكرتش حتى انا عاملة ازاى ولما ترجع ياترى فعلا هتلاقينى موجودة ولا مت تلات سنين خدو منى كتير اوى يا زين
تنهد فى حزن وهو يقترب خطوة تمنى لو اقتحم بها داخلها ليمحو كل ما تحمله تجاهه من خيبة أمل لوح بكفيه في عجز يحاول أن يبرر حالة التيه التي عاش فيها
وخدو منى اكتر تلات سنين وانا مبفكرش فى حد غيرك بمنع نفسى عنك لانى وقتها مكنتش انا كنت مستنى ارجع زين اللى انتى حبتيه زين اللى يقدر يحميكى وما يحسش انه عاجز قدامك كنت عاوز ارجع وانا جدير بيكى يا صوفيا
هزت رأسها في يأس
بعد ايه انا طول الوقت اللى فات وانا براجع كل حاجة بينا واسأل نفسى يا ترى انا صح ولا لا ياترى لما روحتلك برجلى وطلبت منك تعترف بحبك ده كان صح ولا المفروض كنت اسيبك تبدأ حياتك معاها ومكنش السبب فى چرح انسانة كلها ذنبها انها حبتك ياترى يا زين اصلا انت حبتنى ولا كنت بالنسبالك حالة حبيت تعيش فيها
قاطعها فى حزم يرفض انتهاكها لعشق طالما عاش على ذكراه وأقسم أن يحيا عمره كله يحترم قدسيته
انتى عارفة انى محبتش غيرك عارفة ومتأكدة من ده
هتفت وهى تجلس على كرسيها فى تعب
انا مبقتش متأكدة من حاجة
ورفعت رأسها اليه بينما تسند جبهتها بسبابتها وابهامها
انا لما مشيت من قدامك تخيلت انك مش هتسينى اروح ابدا تخيلت انك هتحصلنى وتنهى المهزلة دى بس ده محصلش استنيتك كتير وانت ولا حس ولا خبر كنت بمۏت وانا بسأل نفسى هوا فعلا لو بيحبنى ازاى يقدر يستحمل ابعد
واضافت وهى تمسح دمعة فرت رغما عنها
انت مجربتش الوحدة مجربتش احساس انك متكونش ليك لزمة ولا وجود ولا اهمية عند حد مجرد صفر ع الشمال كل اصحابك يفتكروك وقت ما يكونو فاضيين وبعد كدة كل حد فى حياته انت مجربتش تعيش بالشهور تليفونك ميرنش بحد يطمن عليك
اقترب وامسك بكتفيها فكلماتها كانت اصعب من ان يتحملها قلب عاشق مثله
اسف صوفيا اسف مليون مرة
خلاص يا زين مبقاش ينفع مبقتش قادرة اغامر باللى باقى منى مش هقدر اعيش مع ناس رفضونى حتى لو انت بعدت عنهم فى يوم هتحنلهم واكون انا القربان اللى هتقدمه عشان تنول رضاهم من جديد
هتف فى دفاع
مستحيل اللى بتقوليه ده يحصل صوفيا انا هتجوزك حالا وهثبتلك انى
قاطعته من جديد في صرامة
عشان مجربتش اللى مريت بيه بتقول مش هيحصل لكن انا متأكدة انه ممكن يحصل وساعتها مش هلومك بس هكون انا الخسرانة الوحيدة
لهجتها تخبره بوضوح انها لم يعد لديها ذرة ثقة واحدة به وان زين الحالى لا يختلف عن زين الضعيف الذى حاول التخلص منه شعر انها تلفظه تماما من حياتها شعر ان هناك
كلمينى بصراحة فيه حد تانى فى حياتك
تأملته لحظات ونظرت الى الفراغ من حولها قبل ان تزدرد ريقها وتجيبه
فى يوم وقعت من طولى وكنت تعبانة وهوا كان دكتور ولحقنى فضل جنبى طول فترة مرضى وبعدها صارحنى بمشاعره ورغبته بالارتباط بيا وانا
ونظرت الى عينيه مباشرة
وافقت
شعر فى تلك اللحظة بقدميه تغوصا فى الأرض فتشبث بكرسى الى جواره قبل ان تبتلعه تماما هل أخبرته عن وجود اخر
هل قالت أن حياتها قد أصبح بها غيره
هل لا يحتمل أن يبقى هذا السؤال بداخله مطلقا
مال اليها فى مرارة يلفظه بوجهها
انتى حبتيه
اشاحت بوجهها فهتف بها
ردى عليا انتى حبتيه
هتفت بحدة مماثلة تحمل كثيرا من مرارة أيامها
الحب رفاهية مبقتش اقدر عليها الحب بهدلنى وۏجع قلبى ورمانى ونفانى الحب مغامرة اجبن بكتير من انى ادخلها انا خلاص عاوزة استقر زى باقى الناس الاحترام وحده كفاية مش ده كلامك زمان
كلماتها كانت انصال حادة مصوبة بدقة الى صميم قلبه تخبره انها وجدت الامان الذى افتقدته فيه مع اخر
واصلت بنبرة أهدأ
زين ارجع لحياتك
اى حياة تعنيها
قد ظن انه يعود الى جنته
ظل طيلة طريقه يتخيل نعيمها وظلالها فنقلته بكلمة واحدة الى قاع الچحيم الى جهنم وبئس المصير
سمر من زمان بتحبك
اى حب تتحدث عنه
الحب لا يمكن ان يكون الا هي فالقلب قد احتكرته منذ زمن وختمته بخاتمها الخاص
حاول تحبها انت كمان وكمل حياتك معاها
حب وحياة تعيد نفس الكلمات من جديد في جملة واحدة اين وعدك ايتها الحورية
كيف تملصت من كل هذا
كيف جرؤت وسلمت قلبها لغيره
كيف ستسمح لسواه ان يحتويها بين ذراعيه ويلمسها اى عقاپ هذا ارادات الحاقه به
شعر باناملها تربت على كتفه
زين قدرنا ان اللى بينا يتحول ذكريات ومفيش حد عاقل بيعيش على الذكريات انت بقا عندك حياتك وانا كمان هيبقى عندى حياتى خلينا نعيش الجاى من غير ۏجع
بل انه يريد المۏت حړقا وغرقا وخنقا بجوارها الف مرة على ان يشعر انه لن يراها من جديد لقد كانت السلوى الوحيدة فى حياته
كافح كل شىء من اجلها
من اجل عينيها التى كانت تقف فى انتظاره تحفزه ان يسرع
رائحتها التى ظلت عالقة بانفه تخبره ان اللقاء قريب كيف كڈب كل شىء حوله ام ان حواسه قد اصابها الخلل
نهضت فى بطء وهى تنظر فى اتجاه الباب قائلة
زين زياد زمانه جاى دلوقتى عشان هنتفق على معاد كتب الكتاب هوا هيعدى عليا عشان ياخدنى
اغمض عينيه فى الم وابتسم فلم يعد له حيلة سوى أن يتظاهر بسعادته لسعادتها
اسمه زياد
ايوة مصرى اتولد وعاش فى فرنسا وهيكمل معايا الطريق اللى انت بدأته
شعر أنها ټخونه فى تلك اللحظة اراد اى دليل يبرأها فعاد يسألها بصوت متحشرج يحمل امل اخير
صوفيا انتى مكدبتيش عليا صح
تنهدت فى عمق وهى تشير برأسها تجاه بوابة الحديقة لا يا زين الحقيقة اهى قدامك ده زياد
الټفت زين خلفه ليجد شاب يماثله فى العمر وسيم ويبدو على ملامحه الجدية رسم ابتسامة بمجرد ان اقترب فقالت صوفيا وهى تشير بذراعها تجاه زين لتعرفهما بعضهما ببعض
زين يبقا اخو يوسف جوزايلينا وصديق قديم
اهكذا اصبحت علاقتهما وكل ما يربطهما هو لا يريد هذا الرابط ابدا فاما حبيبها اولا شىء نظرت الى زياد وقالت وهى توجه نظراتها لزين
زياد خطيبى
قټلته الكلمة واخفض رأسه ليخفى انفعاله بينما يده تتكور مانعا اياها من تسديد لكمة عوضا عن مصافحته فهو من سرق حبيبته
هو من اعطاها ما افتقدته فيه
تمالك نفسه على صوتها
مش هتباركلى يا زين
اذن هو الوداع الذى ليس من بعده امل
هو الوداع الذى تطلبه بنفسها وتقطع بيدها اخر شعرة تربطهما
لها ذلك
رفع رأسه فى بطء ليهنأها ويرثي روحه
مبروك صوفيا عيشى حياتك بجد المرة دى عيشى من غير ما تبصى وراكى ولا تفكرى فى اى حاجة فاتت افرحى بجد يا صوفيا انتى تستحقى ده
واكمل فى نفسه وتذكرى يا حوريتى اننى احببتك اكثر مما احببت روحى
ابتسمت في رقتها المعتادة
وانت كمان يازين افرح بجد من غير ما تبص وراك
ابتسم فى سخرية شديدة وهو ينظر الى زياد قائلا فى حزن
خلى بالك منها
ولم ينتظر اكثر من هذا فلقد اخذ ما يكفيه من الصدمة
سار بخطوات
بطيئة تسارعت تدريجيا وهو يمنع نفسه بصعوبة من الالتفات خلفه ولكن قلبه غافله فى لحظة والټفت ليروى ظمأه بنظرة قبل ان ېموت عطشا
بعدها نظر امامه من جديد وهو يهرب بخطوات اشبه بالركض لينفجر بركانه بعيدا وينعى كل احلامه پألم وهو يغلق قصة حوريته الشقراء وجنتها للأبد
ايوة يا مصطفى انا عارف يا بنى حاول تأجلها على قد ما تقدر
قالها يوسف فى
متابعة القراءة