ميراث الندم بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز

ان انت الواد الوحيد فينا.
تجاهل عن عمد كل ما أسهبت به ليخبرها وكأنها لا تعلم
النهاردة كتب كتابها وحنتها يا جميلة. 
اخرجت تنهيدة متعبة لتطالعه صامتة وهو يتابع
مش دا برضوا كان هيبجى يومي انا معاها 
عقبت بما يشبه الرجاء
كل شيء نصيب يا واد ابوي هنفضل نجولها كام مرة بس 
ردد بتصميم وكأنه يحدث نفسه
كانت نصيبي يا جميلة كانت نصيبي.
خالة جميلة انتي جاعدة هنا
اجفلت المرأة تستفيق من حالة الحزن التي تلبستها على حال شقيقها لتتبدل للحنق الشديد مع انتباها لهذه الخفيفة كما تلقبها وقد اخترقت داخل المنزل حتى جاءت الى هنا بجرأة تذهلها في توجيه الحديث لها وعينيها مسلطة عليه
اصل انا كنت مروحة بس جولت اشوفك لو عايزة مني حاجة جبل ما امشي عامل ايه يا استاذ عمر
رمقها بنظرة فاحصة من أعلى الى الاسفل قبل أن يجيبها بتمهل
اهلا يااا هدير عاملة ايه انتي
انا زينة والله والحمد لله تشكر على سؤالك وزوجك يا استاذ عمر .
تبسم يبتعد بوجهه عنها ونهضت شقيقته تنهرها بلطف
روحي يا هدير وانا لما اعوذ حاجة منك هندهلك أكيد انا مش عايزاكي تتأخري عن امك وتيجي بعد كدة هي تلومني. 
همت لتزيد من تلكأها باختلاق أي حديث برأسها قبل عن ان يقطع هو بأن انتفض فجأة بعد أن القى بنظره على شاشة الهاتف ورأى محتوى الرسالة التي أتت له من احدهم 
رايح فين يا عمر.
هتفت شقيقته تسأله ولكنه تجاهل ليتخطى الأخرى وكأنه لا يراها وذهب سريعا نحو وجهته.
بداخل مدافن القرية
وبعد ان أنهت زيارتها لقبر والديها وجدها الأكبر وبعض الراحلين من العائلة فلم يتقبى سوى زيارة الساحة الكبيرة لشيخ القرية الراحل والتي تبقى مفتوحة دائما لإطعام المحتاجين وذلك من تبرعات المحسنين واولهم هي لا تفوت زيارة للمدافن بدون ان تعطي من مالها الخاص.
توقفت امام الباب الاخضر الكبير الخاص بمدخل النساء فخرجت تستقبلها المرأة القائمة برعاية الساحة بابتسامة امتنان وحب لها
يا اهلا يا اهلا دا ايه النور ده الست روح بنفسها مشرفانا
تبسمت لها تبادلها التحية وجاء الرد من شقيفتها
ايوة يا ست حفصة عشان تعرفي بس غلاوتكم عندها جاية تزوركم النهاردة في يوم حنتها وكتب 
على الرغم اننا متأخرين والله .
وه يا نادرة جات يعني ع الخمس دجايج دي
تفوهت بها عاتبة نحو شقيقتها قبل ان تتجه مباشرة للمرأة
انا جاية احط اللي فيه النصيب يا خالة هتاخدي انتي بجى ولا لازم ادخل بنفسي
يا بنتي وانا من امتي باخد بيدي بس ادخلي حطي بنفسك في الصندوج الدنيا فاضية دلوك دا وجت صبحية.
ادخلي انتي وانا هجعد هنا وهستناكي مع الست حفصة مشوار المدافن هد حيلي 
عقبت بها نادرة على قول المرأة لتدلف هي وحدها داخل الساحة الشاسعة التي اعتادت عليها حتى وصلت الى المكان المعروف وضعت حزمة كبيرة من النقود بعد ان قرأت الفاتحة على روح الشيخ الراحل ثم استدارت لتتخذ طريقها نحو الخروج ولكنها تفاجأت به أمامها
عمر .
تفوهت بالأسم وقد توسعت عينيها بجزع لتردف بتخوف
انت ازاي جيت هنا 
القى بنظرة نحو السور الصغير للساحة الشاسعة فهمت منها انه قفز من الخلف ليأتي اليها الان ويفاجئها 
ازيك يا عروسة النهاردة كتب كتابك وحنتك جال 
ابتعلت غصتها وچرح رؤيته بهذه الهيئة اضاف على چروح قلبها اضعاف لتجيبه بتماسك واهي رافضة ان تعطيه أي أمل كاذب
ايوة فعلا النهاردة حنتي وكتب كتابي ع العموم كتر خيرك ع المجازفة الكبيرة اللي جومت بيها دي عشان تباركلي عجبالك انت كمان.
قالتها وتعمدت الذهاب لتنهي نقاشا

لا طائل منه ولكنه أجفلها حينما اوقفها جاذبا اياها من مرفقها مردفا پغضب استوحشت به ملامحه
استني عندك انتي هتمشي وتسيبني كدة بڼاري من غير ما ترسيني ع الحجيجة مفيش مرواح من غير ما تجاوبي على سؤالي يا روح دا انا ما صدجت عثرت فيكي.
نفضت ذراعها عن قبضته لتزجره بقولها
فوج لنفسك يا عمر انا مش واحدة هينة ليك ولا لغيرك عشان اسمحلك تتصرف معايا كدة
رفع يده عنها ليردف متقدما نحوها مما جعلها تتراجع هي للخلف
يديا الاتنين جدامك اها ممكن بجى تفهميني يا ست يا ام شخصية قوية كيف واحدة زيك مجدرتش تسد مع ناسها زي ما كنتي مفهماني كيف رضختي لرغبة اخوكي ودوستي على جلبي برجليكي
صاح بالاخيرة يجفلها بهيئته الغريبة وقد اصطدم ظهرها بأحد الأعمده حتى ودت ان تهرب من أمامه ولكنها اغلق كل الطرق بتصدره بجسده أمامها فخرج صوتها باهتزاز
بعد من جدامي يا عمر عيب كدة لو حد دخل هيجول عليك ايه
يجولوا اللي يجولوا انتي جاوبي على سؤالي وبس
احتد بها يضرب بكفه اعلى رأسها پعنف جعلها تشك ان من يقف أمامها ويحدثها الان هو عمر نفسه حبيبها الذي انتظرت من أجله سنوات
يا عمر بجولك سيبني امشي موضوعي معاك خلص انا فعلا مقدرتش اسد مع أهلى لأني مجدرش اعترض على قرار اخويا ولا اتحداه سيبني بجى واعتبر نفسك كنت مغشوش فيا .
كانت منكمشة بجسدها عنه هذه اول مرة تعرف معنى الړعب بحق وكلماتها كانت كمن يصب الزيت على الڼار لتزداد ملامحه اظلامه حتى لم يشعر بقبضته التي ارتفعت أمامها بقوله
يعني جاية بعد السنين دي كلها وبعد ما اتغربت وجدرت اجيب اللي اواجه بيه أهلك وابجى ند ليهم وانا بتجدملك تيجي انتي على اخر لحظة وتجوليلي مش لاعبة لا طب انا ماسك في اللعب و مش ناوي اشيلك من مخي يا روح جوليلي هتعملي ايه
بعد عنها لاجطعلك يدك.
صدر الصوت الجهوري من صاحبه لتلتف رؤس الاثنان نحوه فالتقط هو نظرتها اليه ليرى ولأول مرة بها الامتنان لمجيئه قبل ان تتبدل الى الخۏف من القادم خصوصا بعدما شاهدت تحفز الاخر وكأنه يرحب بالشجار
عارف باشا ازيك يا عريس المفروض برضوا اباركلك زي ما باركتلها.
تقدم نحوه بصمت ليسحبها من ذراعها حتى جعلها خلفه قبل ان يجيبه بازدراء رافعا السبابة أمامه بټهديد
قسما بالله لولا اني عامل جيمة للمكان الطاهر اللي احنا جاعدين فيه لكنت عرفتك مجامك وعلمتك كيف تتعامل مع الناس محترمين.
هم ان يتحرك بها ولكن عمر اوقفه بقوله
طب انا راجل مش محترم وعايز اعرف كيف واحد يتجوز واحدة ڠصب عنها حتى وهي جلبها معلج بغيره ولا انت مش واخد ان هي كانت ساكتة وانا بكلمها
كتمت صوت الشهقة بوضع كفها على فمها لتطالعه بخيبة أمل بأن يتحدث في أمر كهذا امام ابن عمها والذي من المقرر أن يصبح زوجها بعد عدة ساعات اتعتبرها نتيجة لغضبه ولكن ألا يجدر به أن يراعي ولو قليلا بخطۏرة هذا الحديث عليها هي أولا فلم تشعر باندفاع الرد منها
انا مخبرة واد عمي عن كل حاجة عني يا عمر كل حاجة بجي عارفها عني.
اتت كلماتها بنتيجة السحر على قلب الأول لتثلج صدره ان تدعم نفسها بدعمه امام الثاني والذي زادت من اشتعال النيران بقلبه وافعالها تصدمه
يعني عرفتيه..... وبرضوا متجبل كدة عادي
انت عايز ايه بالظبط يا عمر
صاحت بها وللمرة الثانية تسبق الاخر والذي اوقفها بكف يده عن المتابعة ليردف امرا لها 
اطلعي حالا واسبجيني على عربيتي.
همت لتجادل بالرفض نظرا لقلقها مما قد ينتج فور مغادرتها ولكنه قاطعها بصرامة رغم هدوء نبرته
بجولك حالا. 
وتطلع ليه ما تخليها جاعدة حتى عشان تكدبني لو بألف عليها .
تجاهل وظل مشددا عليها بجمرات عينيه المتقدة بحزم نحوها مما أجبرها على تنفيذ امره بالخروج على الفور وللمرة الثانية يتجرع الاخر اثر خذلانها له وكأنه العلقم بحلقه
حتى اذا اختفت من أمامهما توجه عارف اليه بنظره يضع كفيه بجيبي بنطاله فاردا جسده باسترخاء المظفر يخاطبه
طبعا انت غرضك من دا كله اني اتخانج معاك اتحمج لكرامتي

بجى واعرفك مجامك او انت تغلبني بجوة جسمك زي ما انت متصور المهم ان في الحالتين الموضوع يكبر ويبجى ڤضيحة بس انا بجولك بجى لأ لأ يا عمر مش هناولك غرضك ولا هسمح لأي حاجة تعطلني عن جوازي.......
توقف برهة يطالع اثر الكلمات على ملامح الاخر والتي ازدادت قتامة وحقد ليضاعف عليه مستطردا
وعن اجابة سؤالك اه يا عمر انا جابل عشان دي بت عمي اللي انا مربيها على يدي يعني عارف جيمتها زين وان كان على شوية العطب اللي عشش في تفكيرها الكام سنة اللي فاتوا انا كفيل اصلحه......
علق عمر على الاخيرة بابتسامة ساخرة
تصلح! انت متأكد منها دي 
اه متأكد يا عمر وخد بالك انا بتكلم ان العطب في التفكير مش القلب وحط تحتيها دي مية خط.....
توقف ليخيم الصمت للحظات بينهما ولم يبقى الا حديث الاعين المشټعلة بالتحدي والثقة في مواجهة الكره والبغض قبل ان ينهي عارف بقوله
عن اذنك بجى عايز اللحج كتب كتابي بعد شوية ولفرحي بكرة عجبالك يا عمر.
بصق كلماته وذهب مغادرا من أمامه يتركه متسمرا محله في نيران قهرا يسحقه في يأس فكر يتخبط به الان.
اتى بخطواته السريعة يندفع داخل السيارة التي صفق بابها پعنف جعلها تنتفض بخضة لتحاصرها عينيه المتربصة والمشټعلة للحظات قبل أن ټنفجر به 
تمام هتفضل باصصلي كدة كتير وانت ساكت اتكلم يا عارف وطلع اللي في جلبك انا جيت على عربيتك اها زي ما جولت وخليت اختي تروح لوحديها ياللا بجى في انتظار اي قرار منك.
قرار إيه
سألها مستفهما فكان ردها ان ازاحت وجهها عنه بحرج فوصله مقصدها ليزفر پعنف طاردا كتلة من الهواء الكثيف بصدره يطالعها بتريث وهي تجيبه بتوتر
مش مضطرة احلفلك بس دا حجك عليا قسما بالله العظيم انا ما جصدت اجابله ولا كنت اعرف اني هيهل عليا كدة ويفاجئني دا انا تجريبا جطعت مع صاحبتي نفسها اللي هي اخته عشان اجطع أي صلة.
توقفت تلتف بنظرها للأمام مردفة باستياء
اكره ما عليا ان اتحط في موقف دفاع عن نفسي وموضع اتهام في شيء انا بريئة منه..... وبرضوا انت حر في اي فعل تعمله.
تجصدي ايه يا روح.... اني افلتك
توجهت له تخاطبه بجرأة ليست بغريبة عنها
انا بجول لو انت عايز او هيدخل في مخك ذرة من شك ناحيتي يبجى تجطع من أولها وتوفر على نفسك أي فكر أو تعب لاني زي ما برفض ان اتحط في موضع اتهام ف انا كمان لا يمكن هسمحلك تشك فيا بعد كدة.
ومين جالك اني شاكك فيكي
للمرة الثانية يسألها بهدوء يثير استفزازها حتى لم تعد بها قدرة على التماسك
لأن الموقف نفسه..........
توقفت مجبرة لتزيح بأبهامها دموع عزيزة غلبتها في السقوط أمامه لتشيح بوجهها نحو النافذة تكره ان تظهر له مزيدا من الضعف ولكنه كالعادة وكما أصبحت ترى منه مؤخرا ادهشها بفعله حينما أمتدت يده لها بالمحرمة الورقية تناولته لتجفف بها الاثر المتبقي على خديها وصوته يأتي بجوارها مردفا بلين
تم نسخ الرابط