اساريره عندما وجد والدته أمامه فبالرغم من إختلافه معها بشأن زواجه إلا أنه مازال يحبها و يفرح كثيرا لرؤيتها إلتف من وراء مكتبه متجها نحوها بيدين مفتوحتين لمعانقتها لكن فريدة هانم تجاهلته و هي تجلس على الاريكة تاركة عمر ينظر نحوها پصدمة تنهد بصوت مسموع قبل أن ينمحي الابتسامة من علي شفتيه ليقول و هو يتجه نحو الكرسي المفرد ليجلس عليه و أهلا يا أمي منوراني بزيارتك السعيدة دي زمت فريدة شفتيها بضيق و هي تنظر نحوه باستهزاء قائلة عشان كده بقالك أسبوع لا بتيجي و لا بتقول عندي عيلة أسأل عليها الظاهر إن الهانم تأثيرها جامد اوي عليك لدرجة إنها مخلياك مش فاكر أهلك تنحنح عمر و هو يدعك رقبته المتشنجة بسبب جلوسه وراء المكتب منذ الصباح الباكر متزعليش مني اصلي كنت مشغول جدا الايام إلى فاتت عشان عندنا شغل كثير يادوب أروح أنام على طول بس إن شاء الله حبقى آجي أتغدى عندكم يوم الجمعة اصدرت فريدة صوتا من بين شفتيها يدل على عدم
رضاها قبل أن تهتف بسخرية لا كثر خيرك يا حبيبي و يا ترى حتيجي وحدك و إلا حتجيب ست الحسن و الجمال معاك أمال هي فين أنا لما دخلت ملقيتهاش في مكتبها يعني أجابها عمر بحذر و قد علم أن وراء مجيئها حكاية ما تلاقيها عند كاميليا مرات شاهين أصلها لسه جديدة في الشغل و أحيانا هبة بتروح عشان تفهمها الحاجات اللي مش عارفاها لو عايزاها حبقى أكلمهالك تيجي فريدة بتكبر و أنا حعوز منها إيه يعني و هي حتة عيل مش قادرة تجيبه الدكتور عادل إبن صاحبتي فايزة الشريف متجوز بقاله سنة و إمبارح مراته جابت ولد مشاء الله زي القمر انا صورتي بقت وحشة اوي قدامهم و هما بيسألوني إمتى حنفرح بأولاد عمر قاطعها بصرامة بعد أن فهم ما تنوي إليه هذا ليس غريبا على والدته فهي في كل مناسبة لا تتوانى عن قول ما تريده دون الاهتمام بالآخرين ما يهمها فقط هو مكانتها الاجتماعة أمام صديقاتها بصي يا ماما أنا بجد تعبت و زهقت و انا بعيد نفس الكلام في كل مرة انا بحب مراتي و ميهمنيش كلام الناس اللي حضرتك عاملاله حساب و هما مين اصلا عشان يفرحولنا انا أخلف او مخلفش هما مالهم دول ناس منافقين و آخر همي رأيهم و بتأسف جدا لما الاقي شخص راقي و مثقف زيك مخه مليان بحاجات تافهة و ملهاش قيمة زي دي لو عاوزة تتكلمي في اي حاجة ثانية فأهلا و سهلا و لو مش عاوزة أرجوكي بلاش تزيدي عليا و إرحميني انا تعبان من الشغل و مش ناقص وقف من مكانه محاولا إنهاء الحديث بأسلوب لين لكن فريدة كان لها رأي آخر فڠضبها تضاعف بسبب فشلها مرة أخرى في جعله يطيع كلامها لتهب من مكانها تصړخ پغضب إنت لحد إمتى حتفضل كده كل أما آجي أكلمك تقلي بحب مراتي داه إيه التخلف اللي إنت فيه داه مراتك مين ها مش كفاية إنك جايبها من الشارع مش عارفينلها اصل و لا فصل و تجوزتها ڠصب عننا كلنا خلتك تخسر عيلتك عشانها و في الاخر مقدرتش حتى تفرحك بحتة عيل يشيل إسمك مسح عمر وجهه بارهاق وهو ينظر نحوها بخيبة أمل رغم تعوده على أسلوبها الجاف في الحوار قائلا بعد أن رسم ملامح اللامبالاة على وجهه أنا حافظ الاسطوانة المشروخة
دي اصلي لاسف من اول شهرين جواز و انا كل أسبوع بسمعها مرة و أحيانا مرتين ثلاثة و لو على العيلة فكلهم قابلين هبة و بيحبوها بابا و إخواتي مكانش عندهم اي إعتراض عليها إنت بس اللي مش متقبلاها عشان عقلية الطبقات و الباشوات اللي لسه معششة في دماغك من الاخر إنت عاوزة إيه ياست ماما جلس على كرسيه محاولا العودة لعمله متجاهلا توتره و ضيقه من كلامها ليرفع عينيه نحوها ناظرا إليها پصدمة عندما قالت له بلهجة آمرة تطلقها و انا بنفسي حجوزك واحدة تليق بيك و من مستوانا كفاية رمرمة صړخ عمر بصوت عال بعد أن ضاق ذرعا من تصرفاتها و چنونها ماما لو سمحتي داه مكان شغل مينفعش نتكلم في حاجات خاصة هنا في
ناس كثير هنا و ميصحش حد يعرف أسرارنا حملت فريدة حقيبتها متجهة نحو الباب قائلة و هو في حد ليه معرفش بحكايتك فتحت الباب لتجد هبة تجلس وراء مكتبها رأتها لتقف و تلقي عليها التحية بأدب لكن فريدة نظرت إليها باشمئزاز من فوق إلى أسفل قبل أن تشير باصبعها نحوها ملتفتة لعمر الذي وقف من مكانه إستعدادا لأي مشكلة اهي شرفت الهانم أنا مش عارفة إيه اللي عجبك فيها دي على الاقل مرات شاهين حلوة و شبه الأجانب و مخلفة بدل العيل إثنين إنما دي نفخ عمر الهواء بقوة و هو يشعر أنه سينفجر في اي لحظة خاصة بعد أن لمح دموع هبة التي حاولت إخفائها عنه لكنها فشلت ليقول ماما لو سمحتي مافيش داعي للكلام داه هبة عندي بالدنيا كلها و ميهمنيش رأي حد حتى لو رأيك أنا حوصلك لباب المكتب الساعة داخلة على واحدة زمانه بابا و إخواتي مستنيينك على الغدا أحاط كتفيها بذراعه ليرغمها بلطف على المشي بجانبه و يوصلها نحو باب المصعد لتلتفت نحوه فريدة مرة أخيرة قبل أن تدلف و تهتف بوعيد مش حسيبك يا عمر و مش حرتاح غير لما أطردها برا حياتك و عيليتنا خالص و يا أنا يا هي بنت منصور حرك عمر رأسه باستسلام و هو يودعها باشارة من كفه قبل أن يغلق أمامه باب المصعد تنهد لينفث كل تعبه و إرهاقه و غضبه الذي تمكن منه رغم تصنعه الهدوء إلا أن والدته في كل مرة تحدثه فيها توقظ جميع آلامه و
أحزانه التي يحاول نسيانها لاتعلم المجهود الذي يبذله حتى لا ينفجر أمامها مخبرا إياها بالحقيقة و أنه هو من يعاني مشاكل في الإنجاب و ليس زوجته المسكينة التي تضطر في كل مرة تحمل كلامها السام بصمت رجع سريعا نحو المكتب ليطمئن على هبة و التي رسمت على وجهها بتسامة مزيفة على وجهها كعادتها حتى لا تشعره بالذنب أشار لها بأن تتبعه لمكتبه دخلت هبة لتجده يجلس على الاريكة ناكسا رأسه باحباط كمن يحمل هموم الدنيا على كتفيه رفع عينيه نحوها يتأملها بعشق مفرط إبتسمت هبة على تصرفه فهذا مايفعله عمر دائما عند إحساسه بالضيق قائلا مش عارف مين غيرك كنت حعمل إيه حتفضلي مستحملة لغاية إمتى و انا واقف كده بتفرج عليكي و مش عارف أعمل حاجة أنا نفسي افرحك و اعوضك على صبرك معايا بس للاسف انا أجابته هبة و هي لاتنكر تضايقها الشديد من كلام والدته لكن حبها لعمر يجعلها تتحمل و تتناسى رغم تأثير كلامها على نفسيتها لكن ما باليد حيلة كما يقال فلو كانت غيرها لما سكتت هبة و لكانت اوقفتها عند حدها معلش يا حبيبي دي بردو مامتك و إنت عارفها كويس بلاش تزعل نفسك انا مصدقت إنك بقيت كويس بعد آخر زيارة للدكتور جذبها عمر برقة لتجلس بجانبه على الاريكة ليقبل كلتا يديها هاتفا بحسم انا حعدي عليهم المساء بعد الشغل و حبقى أفهمهم الحكاية خلي الكل يعرف إن ملكيش ذنب و إن إنت اللي متحملاني و صابرة عليا بالرغم من أنا توسعت عينا هبة بفزع لتقاطعه هاتفة برجاء إوعى تعمل كده يا عمر عشان خاطري بقالنا سنتين محتفظين بالسر داه و محدش يعرف عننا حاجة غير كاميليا و شاهين بيه ارجوك خلينا كده أحسن انا مش حستحمل إن أي حد يقول عليك كلمة وحشة اوو قاطعها هو الاخر داه بردو نفس إحساسي لما حد يتكلم عليكي زي ماما من شوية أنا كنت ماسك إيدي بالعافية عشان مقلهاش الحقيقة صدقيني انا پتألم أكثر لما بشوفك كده مظلومة و انا واقف متكتف مش عارف أعملك حاجة هبة إنت مراتي يعني من واجبي إني أحميكي كفاية إنك تحملتي كل السنين دي علشاني آن الأوان إني أتحمل عنك شوية هبة و هي تنفي برأسها لا يا عمر مفيش داعي ارجوك مش عاوزة مشاكل و إن كان عليا انا خلاص تعودت
يعني عمر بنبرة مټألمة مفيش حد بيتعود على الألم يا بيبة خلينا ننسى الموضوع داه مما يشعر به من ضعف و عجز عن حماية حبيبته التي يحبها أكثر من نفسه يكفيها ماتحملته في السابق من إهانات و كلام جارح من أجله يشعر بعودة الهدوء لجسده المتشنج تدريجيا و قد عزم بداخله على إنهاء معاناتها و قول الحقيقة اغمض عينيه بخزي لإحساسه بالجبن و الخۏف من مواجهة المجتمع و الناس ليقف متفرجا على زوجته خاصة في مجتمع لايرحم كمجتمعنا الشرقي في مكتب شاهين تأففت كاميليا للمرة العاشرة منذ أن دخلت للمكتب تكاد ټنفجر من شدة الغيظ من كتلة الجليد الذي يجلس وراء مكتبه يدقق في الملفات المبعثرة أمامه و لا يعيرها اي إهتمام شاهين لو سمحت أنا بكلمك
ليه مش بترد عليا اجابها شاهين بنبرة متثاقلة دون أن يرفع عينيه من علي الأوراق عاوزة إيه يا حبيبتي معلش مكنتش مركز معاكي نفخت وجنتيها بحنق لټضرب الأرض بقدميها كما يفعل آسر ولدها عندما يغضب قائلة على فكرة دي ثالث مرة أسألك نفس السؤال و إنت مش منتبه انا رايحة مكتبي كفاية ضيعت وقت على الفاضي هنا قلب شاهين عينيه نحوها قبل أن يدير رأسه بحركة بطيئة بعد أن إستوعب ماترمي إليه راقبها و هي تسير نحو الباب رافعة رأسها بكبرياء ليخفي ضحكته متصنعا الجدية لينبس بلهجة آمرة كاميليا تعالي هنا تسمرت مكانها و هي تسمع صوته الجدي المرعب لتحاول تمالك نفسها و التظاهر بالقوة أمامه إستدارت نحوه تخفي توترها لترتبك أكثر عندما رأته يشير لها باصبعه أن تتقدم نحوه زفرت مدعية اللامبالاة لتسير باتجاهه قبل أن تقف بعيدا عنه بخطوتين أشار لها مرة أخرى بأن تتقدم اكثر لكنها ظلت واقفة مكانها قائلة بصوت جاف عاوز إيه أنا ورايا شغل جاءها صوته الرجولي الخشن ليبعث داخلها قشعريرة سرت بكامل جسدها قربي كم تمقت هذه الكلمة التي تذكرها بأيام عڈابها معه نفت برأسها و هي مازالت تقف مكانها رافضة الحراك ليرمقها شاهين