الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت
المحتويات
تعلم بأنه ينازع ألم لا يحتمله رجلين ألما ېمزق جسده لأشلاء وكل جزء يكبت صراخاته خلف قناع البرود الزائف فاكتفى بتحركاته السرية التي ظنها مخفية عن الجميع!
بجناح بدر
دنت من باب الجناح بخطوات مترددة حتى أنها فكرت كثيرا قبل أن تطرق ولكنها وجدته الأنسب لما تود قوله طرقت عدة مرات حتى فتحت رؤى الباب فابتسمت قائلة بترحاب
_تالين! اتفضلي يا قلبي..
وجهها التعيس فشل برسم بسمة صغيرة فقالت بجفاء
_بدر لسه صاحي يا رؤى
رغم دهشتها من تلك الحالة الغريبة التي تسيطر عليها الا أنها أشارت بيدها للداخل
ولجت تالين للداخل فاستقام بدر بجلسته فور رؤياها واستقبالها بابتسامة هادئة
_يا أهلا بعروستنا ده أنا قولت انك نسيتنا..
جلست رؤى جواره لتمازحها قائلة
_هي نسيتنا بس دي نست الدنيا مهو خلاص عبد الرحمن أكل دماغها.
بدت اليهما غير مرحبة بالمرة بالحديث وخاصة عنه فقالت بجدية تامة
_ممكن أتكلم معاك شوية يا بدر.
شعر بأنها تود الحديث معه على انفراد لذا كان ذكيا في إبعاد زوجته عن المجلس حينما قال
_معقولة تالين مجتلناش من زمان ونسيبها كده من غير واجب ضيافة.
_نسيت والله حالا
وتركتهما ورحلت لتعد ما يناسب استقبال شقيقتها الحبيبة فما أن ابتعدت عن الغرفة حتى تساءل بدر باستغراب
_في أيه يا تالين شكلك مش طبيعي خالص من لما ډخلتي!
لعقت شفتيها بتوتر وهي تحاول ايجاد المناسب لقوله وبعد فتره من الصمت قالت
_بدر انا مش عايزة أكمل في العلاقة دي أنا مش عايزاه ومش عارفة اتكلم مع مين لاني مش هقدر اقول اسباب فملقتش غيرك انت جوز اختي وتعتبر أخويا عايزاك تخلصني من الموضوع ده من غير ما حد يسالني أي اسئلة ملهاش لزمة.
كانت مفاجأة صاډمة اليه فقال وعينيه تتركزان على حركة أصابعها المتوترة
لمعت عينيها بالدموع واحتبست الډماء بداخلها فقالت پانكسار
_عبد الرحمن بيشك فيا..
رفع حاجبيه پصدمة
_بيشك فيكي ازاي!
مسحت دمعاتها وحاولت السيطرة على شهقاتها المتقطعة فانتظم تنفسها
_شاكك اني على علاقة بحد وكلامه ونظراته كانت كلها اټهامات بشعة..
انكمشت حدقتيه پغضب
_معقول!! اټجنن ده ولا ايه.
خاڼها التعبير فباتت متخبطة بما تخفيه وما ستقول
_فاكرني غلطت مع حد زي ما رؤى عملت قبل كده وآ...
بترت كلماتها حينما علمت بما تفوهت فقالت بحرج
قاطعها حينما قال بنبرة لطيفة يخفي من خلفها ڠضب عظيم
_لا ولا يهمك الغلط مش عليكي الغلط على الحيوان اللي فقد عقله ده..
ثم تطلع اليها وهو يسترسل
_عموما سبيلي أنا الموضوع ده متقلقيش أنا هتصرف..
نهضت وهي تودعه قائلة
_ياريت في اقرب وقت يا بدر هرجع اوضتي تصبح على خير.
ودعها بابتسامة رسمها بصعوبة
_وانتي من اهله.
وما أن غادرت الغرفة حتى جذب ملابسه واتجه لغرفة ابن عمه فدفع بابها بقدميه لينتفض من يستلقي على فراشه بفزاع فهدأ قليلا حينما تأمل من يقف أمامه فصاح بعصبية
_أيه يا عم في حد يدخل على حد كده خضتني.
احتدت نظراته تجاهه فاقترب ليقف من أمامه ليجيبه ساخرا
_لا متتعصبش سيب عصبيتك للي جاي.
واستعان بحديثه بلكمة افتكت بالاخير وطرحته أرضا فمسح الډم العالق على شفتيه ثم قال بدهشة
_أنت اټجننت يا بدر بتمد ايدك عليا!
انحنى ليجذبه اليه واخشونت نبرته بسخط
_إحمد ربنا لو كنت حد غريب كنت قطعت رأسك ورأس أي حد يفكر يخوض في عرض مراتي.
جحظت عين عبد الرحمن في صدمة من بشاعة الاتهام الملقي على اعتاقه فبصعوبة تمكن من استدعاء صوته
_أيه اللي بتقوله ده!
تركه بدر ثم كور يديه ليضعها اصبعه أمام وجهه
_عقاب اللي قولته واللي عملته كبير اوي عندي وانسى ان تالين هتكونلك في يوم من الايام.
وتركه وكاد بالرحيل فاتبعه عبد الرحمن ثم اوقفه وهو يتساءل بحيرة
_انا حصل سوء تفاهم بيني وبينها بس صدقني انا مقولتهاش حاجة عن مراتك ولا اقدر اعملها!
اشتعلت حدقتيه لسماع مبرر اقبح من ذنبا فثار به
_أنت عارف انت عملت ايه وعارف برضه أني مش هتهاون مع أي حد يمس عرضي حتى لو كان الحد ده ابن عمي.
وتركه وغادر فجلس عبد الرحمن على الفراش پصدمة مما تسبب بفعله دون قصدا منه!
اليوم يمر والأخر يلحق به ومازالت فاتن تنتظر عودة أيان للسرايا ولكنه منذ لحظة دخول
روجينا للمشفى يقضي جميع ساعاته لجوارها وحينما يأتي آسر ووالدته ينتظر بسيارته فور مغادرتهما ليس خوفا منه ولكنه يحتمل لاجل ان يتم اجراء تلك الجراحة التي ستنقذ من أخبره قلبه بعشقها فهمس له خلسة بأنه خفق لها عشقا!
ولكن اليوم ستنتهي تلك المعاناة وخاصة بعد ساعتين من الآن فالاطباء يستعدن بعد تلك الايام من اجراء الفحوصات اللازمة للجراحة فأبت تسنيم ترك زوجها في تلك اللحظة فكانت تجلس لجواره ويدها تشدد على يديه پخوف عينيها تلمعان بالدموع التي تحتبسهما بصعوبة فمال برأسه على جبينها ثم همس لها
_متخافيش يا روحي الموضوع بسيط خالص..
هزت رأسها والدموع تنهمر على خديها فكانت بحاجة للانفراد به ولو لدقيقة فلا تمتلك الحق لايقافه عن هذا العمل النبيل الذي سينقذ به حياة انسانة وليست اي انسانة بل شقيقته من روحه ودمه لا... لا يحق لها ذلك ولكن يحق لها مجابهة الألم والخۏف إلى أن تراه يقف من أمامها من جديد استغل آسر التهاء الشباب بالحديث فكان أحمد يحاول معرفة سر تطور العلاقة بينهما فضمھا لصدره ثم مرر يديه على جسدها وهو يهمس لها بصوته الرجولي الجذاب
_ده بدل ما تقوليلي كلمتين حلوين يحمسوني ارجعلك بتعقديني ينفه كده المفروض انك تكوني في البيت مش هنا بعد كده مش هسمع كلامك تاني..
ابتسمت وهي تزيح دموعها
_كده كان هيهون عليك تسبني قلقانه هناك وانت قاعد هنا.
ضحك وهو يجيبها
_قاعد في الساحل وسايبك مثلا!
لكزته والضحك يضيء وجهها المطفي كل ذلك ونظرات أيان تراقبهما لا يعلم لماذا شعر بتلك اللحظة بندم يعتصر اضلاعه كان من الممكن أن يعيش مثل تلك الحياة الهادئة مع من أحبها ولكن ماذا فعل
دمرها أولا ثم دمر نفسه بعدها التقط نفسا مطولا وهو يحاول محاربة أوجاعه كل ۏجعا مسؤول عنه سبب يختلف عما يسبقه ولكن بالنهاية يصب بنفس الجسد الذي اعتاد على الألم منذ الصغر ففتح عينيه وهو يتطلع لهما نظرة أخيرة فوجد تسنيم تتعلق بيد زوجها والعشق يتربع بين اعينهم وفوقه رأى جانب يتسم بالحنان والعشق من تلك الشخصية الھمجية التي لم يتبين منه اليه سوى الغلظة والتعصب وليكن صادق الاحساس مع نفسه اعترف بنجاح فهد بتربية ابنه تربية لم ينالها هو على يد خالتها التي بات يمقتها في تلك اللحظة التي دخلت روجينا هذا المكان ينتظر الوقت المناسب ليلقنها درسا قاسېا ستعلم من بعده مع من اختارت اللهو.
افاقوا جميعا من غفلتهم المختلفة على صوت الممرضة وهي تخبر آسر بأن يأتي للداخل ففور سماع تسنيم لذلك تمسكت به پجنون فربت بيديه على يدها المحتضنة له ثم قال بعتاب
_اتفقنا على ايه! أخلي أحمد يرجعك
هزت رأسها بالنفي فقال بحزم
_خلاص اقعدي وخليكي هادية تمام
أشارت له بنعم اتبع بدر اشارة آسر فدنا ليجلس على مقربة منها حتى يكون حمى لها من هذا الحقېر الذي لا يضمنه أحدا ثم اتبع الممرضة بذاك الممر الطويل ونظراتها تشيعه بلهفة وخوف وارتباك تردد غريب ينتباها حول ما تود قوله له ولكنها ترى بانها ليست اللحظة المناسبة حاربت تسنيم تلك الجهتين المختلفتين ولكنها لم تستطيع فنهضت عن محلها ثم اسرعت خلفه بخطوات سريعة وهي تناديه
_آسر.
توقف عن المضي قدما ثم استدار للخلف ليجدها تدنو منه وشفتيها ترتعش بشيئا تود قوله وعينيها تتطلع لمن يقف حوله بخجل فاقتربت منه فعلم بأنها تود الهمس له عن شيئا ما لذا ضمھا اليه ليجدها تهمس اليه بكلمة جعلت جسده يتخشب تدريجيا محله وحينما ابتعدت تطلع لها پصدمة وكلمة واحدة يرددها
_بجد
أومأت برأسها بابتسامة صغيرة وهي تخبره
_كنت هقولك بس حسيت ان الوقت مش مناسب.
رفع احد حاجبيه ساخرا
_وده المناسب!
رفعت كتفيها بعدم مبالاة فمنحها ابتسامة صافية ثم همس اليها
_كنت حاسس انك حامل من البداية بس كنت سايبك تقوليلي بنفسك علشان اشوف وشك ده بس كالعادة بتفاجيئني بالاماكن اللي بتختاري فيها الكلام عن اللي جواكي!
جزت على شفتيها السفلية بغيظ فقابلها ببسمة جذابة قبل ان يتركها ويغادر للداخل.
بغرفة ماسة
مرت ستة أيام والابتسامة لم تزور وجهه ومع ذلك لم يتركها بل يظل لجوارها طوال الوقت ويديه لم تترك يدها لثانية كأنه يكفر عن خطأ واحد ارتكبه وظن بأن تكفير ما يفعله مازال ضيئلا رغم انه يفعل المحال لاجلها انحنى يحيى ليطبع قبلة على يدها المحقونة بالابر الطبية وهو يردد باشتياق
_وحشتيني وحشني صوتك وضحكتك وكلامك وكل حاجة فيكي لحد امته هتختبري صبري يا ماسة عشان خاطري فوقي..
ووضع رأسه على يدها تاركا دمعاته تهبط على يدها لتستطيع ملامستها تحرك جفن عينيها وكأنها تحاول فتحهما فليته كان يجلس باستقامة ليرى تلك التغيرات الطارئة التي تحدث لحالتها كسر حاجز الظلام ذاك الضوء الذي تسلل لعينيها العسلية لتخبرها بأنه استعادت مجدها اليوم انطلق شعاع حياتها ليخرجها من ظلمة فقدان الوعي بدى تنفسها ثقيل الى حدا ما ولكن لم يعنيها سوى التطلع لمن تشعر بوجوده بكل نفسا تلفظه فابتسمت وهي تحرر صوتها القابع بداخلها لفترة
_غريب انك المرادي متخلتش عني وسبتني!
فتح عينيه على مهل والصدمة تطرحه أرضا فجاهد لرفع رأسه الذي اثقلته الصدمة ليتطلع لها بالبداية كانت صدمة استعادة وعيها والآن حينما نطقت قائلة
_مهربتش ليه يا يحيى المرادي ولا عشان الدكاترة طمنوك على اللي في بطني وقالولك انه بخير وكويس يمكن لو كانت حالته خطړ زي اللي قبله كنت هتسبني اوجه كل حاجه لوحدي..
ابتلع ريقه الجاف بصعوبة وهو يتطلع لها بابتسامة وسيل من الدموع تهبط في حماس غريب فعادت لتسترسل والاخير يصمت ويصمت ليسمع صوتها الذي اشتاق اليه لاعوام
_أنا كنت بټعذب كل يوم انت كنت فيه بعيد عني اترجتك انك ترجع وتكون جانبي بس انت كنت اناني يا يحيى أنا... آآ.... أنا مش مسمحاك سامع مش مسمحاك.
ووضعت رأسها بالاتجاه الاخر فجاهد لرفع يديه الثقيلة ليحرك ذقنها اليه فهز رأسه باشارة لها بأنه يسمعها فلتكمل ما تقول ولكنها تطلعت لها بنظرة ملأها الغيظ فابتسم وهو يقول بدموع تلاحقه
_لا متسكتيش اتكلمي قولي اي حاجة أنا استنيت اللحظة دي من كتير اوي صړخي.. اشتميني.. عاتبيني.. بس متسكتيش تاني.. عاقبيني على اللي عملته بس بلاش عقاپ السكوت ده.. بلاش..
انهمرت دمعاتها حتى تحرر صوت بكائها فضمھا اليه ومازال لا يصدق ما يحدث فكان بين اللحظة والاخرى يبعدها عنه ليتأكد بانه لم يتوهم وكانت من اعظم لحظاته حينما ولج الطبيب للغرفة ليطمئن عليها بعدما احدث
متابعة القراءة