الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


أسنانه وهو يسأله بحدة 
_متردش على سؤالي بسؤال يا أحمد هو يقصد مين بكلامه ده 
أجابه بنظرة شك 
_يقصد تالين يا بدر مش رؤى متقلقش.. 
سكنت معالمه بحرج فمرر يديه على شعره الأسود وهو يتهرب بلباقة 
_أنا بقول أروح اجهز لقمة خفيفة للفطار كده وأهو نصحي أبوي يفطر معانا.. 
وكاد بالمغادرة من أمامه فجذبه أحمد من تلباب قميصه ليشاكسه بسخرية
_مش هتخلع بالسهولة دي قبل ما تجيب اللي في معدتك أر وقول مخبي أيه تاني عليا.. 
استدار برأسه للخارج ومن ثم تطلع إليه ليهمس بصوت منخفض 
_يرضيك أبويا يطلع يلاقيك ماسكني ماسكة حرامي الغسيل دي 

هز رأسه نافيا 
_لا.. 
ثم استكمل قائلا 
_بس يرضيك أنت تستغفلني وتخبي عني التقدمات المحدثة في علاقتك بالأجنبية اللي كانت شبه منتهية! 
هز رأسه نافيا بتلك الطريقة 
_لا... 
ثم همس له مجددا وهو يراقب باب غرفة والده 
_بليل هحكيلك.. 
أومأ برأسه ومن ثم حرره فاتجه سريعا للمطبخ أما أحمد فابتسم وهو يهمس بسخط 
_الأجانب احتلت العيلة ولا أيه! 
بغرفة حور.. 
نهضت عن الفراش أخيرا وهي تحارب ألم قدميها كلما تحركت ومن ثم خرجت للشرفة لتجد تسنيم تقف بالخارج وحينما اقتربت لتقف جوارها وجدتها تراقب ماسة التي تعبث بنافذة السيارة بنظرات مشفقة ابتسمت حور على قلب رفيقتها الحنون ثم قالت 
_شكلك منمتيش طول الليل! 
انتبهت لها تسنيم فأومأت برأسها وهي تجيبها 
_مجاليش نوم.. 
ثم سألتها بلهفة 
_هو مفيش تطورات في حالة ماسة! 
انتقلت عينحور تجاه ما تشير اليه فاعتادت الحديث عن كل صغيرة وكبيرة لتسنيم حتى حالة ماسة قد قصتها على مسمعها من قبل 
_لا للأسف لسه زي ما هي الحالة اللي عندها شكلها مطولة.. 
بشفقة وحزن قالت
_ربنا يشفيها ويعافيها يارب.. 
وعادت لتسألها مجددا بقلق 
_طب ليه عربية الاسعاف اللي واقفة دي هي حالتها متستدعاش اسعاف ولا أيه 
أجابتها بابتسامة مشرقة 
_لا دي لنقل والدة عبد الرحمن عمي فهد قرر إنها ترجع الصعيد وتعيش معاهم.. 
صمتت قليلا تستوعب تصرفه النبيل ومن ثم قالت باعجاب 
_الراجل ده عظيم بجد بالرغم كل اللي حكتهولي عنها وعن اللي عملته زمان في عيلته وسمحلها عادي كده انها ترجع تعيش وسطهم! 
ابتسمت وهي تخبرها 
_عمي فهد مفيش زي طيبة قلبه واللي شبهه بالظبط هو آسر ميتخيرش عنه في الطيبة.. 
لمجرد سماعها لإسمه ارتعشت خفقات قلبها خلسة وكأنها تخبرها بتصميم على ارتباطها به فحاولت قدر الإمكان السيطرة على مشاعرها التي تكاد تقفز لتترنح في الأفق استفاقت من غفلتها القصيرة حينما اقترحت حور قائلة 
_مش صحيح أنتي نازلة البلد النهاردة ما تسافري معاهم أحسنلك من بهدالة القطر.. 
زمت شفتيها وهي تجيبها 
_لا القطر معاده العصر اكون فكرت كويس. 
سألتها باستغراب 
_فكرتي في أيه 
جلست على الأريكة القريبة من الازهار وهي تجيبها بتوتر 
_بصراحة يا حور بفكر مسافرش أنا مش هقدر أرجع أشوفه تاني وأكيد العريس ده من مجيبه وأنتي عارفة كويس إن اللي هيجيبه اكيد زيه.. 
جلست جوارها وهي تجيبها بهدوء 
_عارفة يا قلبي بس متنسيش إن مهما كان مين اللي متقدملك مينفعش متكونيش موجودة لإن اللي هيحصل هيكون في وش والدك.. 
وربتت على يدها وهي تستطرد 
_لازم تسافري عشان شكل عمي فضل وبعد كده ابقي ارفضي براحتك محدش هيجبرك على حاجة. 
أومأت برأسها باقتناع وعقلها شارد بمن أحبته وتمنته أن يكون هو من تصبح على عصمته وحينما ينغرس عقلها بالتفكير بذاك الامر عادت لتفق منه بأنه مجرد حلم ليس له واقع أو أمل بالتحقق! 
استيقظت من نومها ففردت ذراعيها بدلال والابتسامة لم تترك وجهها من الأمس مازالت لا تصدق بأنها تزوجت فارس أحلامها جذبت ساقيها على جسدها ثم اسندت رأسها عليها

وهي تعبث بخصلات شعرها بسعادة صفنت لدقائق مطولة ثم جذبت هاتفها تعبث به فانتفضت بلهفة حينما وجدت رسالة منه فتحتها على الفور لتجد بها عنوان عمارة قريبة من جامعتها استغربت من محتوى رسالتها فراسلته بسؤال عن ذاك العنوان رأى أيان رسالتها ولم يجيبها فتعصبت ملامحها وهي تردد بضيق 
_برضه مردش طب أنا مش فاهمه عنوان أيه ده! 
هداها تفكيرها الأحمق أن تغتسل وتذهب الى العنوان أولا خاصة أنه قريب من جامعتها فما أن انتهت من حمامها ارتدت فستان أسود طويل وحجابا زهري اللون يتماشى مع حذائها وحقيبتها الزهرية ومن ثم ودعت نادين واتجهت للمصعد كادت بالدخول ولكنها انتبهت لباب الشقة المقابل لها يفتح لتجد أحمد يقف مقابلها ويتطلع لها بنظرات غاضبة ابتلعت ريقها بتوتر ومع ذلك رسمت ابتسامة مصطنعة 
_صباح الخير يا أحمد. 
حاوطتها نظراته وسكونه الغائم يغلفه حتى كسره بعد دقائق متعمدا 
_صباح الخير.. رايحة على فين 
أشارت بارتباك على الكتب بيدها 
_رايحة الجامعة.. 
قرص أرنبة أنفه برفق ثم قال 
_روجينا مش فاضل على فرحنا غير شهر وشوية لازم نقرب فيها من بعض عشان نحاول نفهم بعض أكتر.. 
ارتبكت للغاية حينما ذكرها بموعد زفافها فاسترسل أحمد حديثه بحنان تحلى به حتى يكسبها 
_أنا عارف إننا مكناش متفاهمين خالص بالفترة الأخيرة عشان كده بفكر أننا نخرج كتير الفترة دي يمكن الامور تتحسن بينا ولا أنتي رأيك أيه 
توترت كثيرا وتوتر لسانها الناطق بتلعثم 
_معاك حق... 
منحها ابتسامة أطلت جنب من وسامة وجهه القمحي وسرعان ما بددت سريعا حينما رفعت يدها لتعدل حجابها فأخشونت نبرته وهو يسألها 
_فين دبلتك يا روجينا 
رفعت يدها تتفحص اصبعها بتوتر فبللت شفتيها الجافة وهي تبحث عن حجة مناسبة فقالت بتلعثم 
_آآه.. تلاقيني نسيتها على الحوض وأنا بغسل ايدي الصبح لما هرجع من الجامعة هشوفها... 
ثم رفعت يدها وهي تتفحص الساعة 
_همشي بقا لاني اتاخرت.. سلام.. 
وولجت للمصعد ومازالت عينيه تتبعها بنظرات غامضة تحاوطها شكوك بائسة حول شخصها المتغير ولكنه حاول أن يصدق ما قالت حتى لا تتسخ صفحتها الجديدة التي فتحها لها.. 
سعادة وفخر استحوذت على قلب كبير الدهاشنة وهو يرى ابنه الوحيد يتبعه كظله منذ الصباح فلم يسمح للسائق بالصعود لسيارة أبيه وأخبره بأنه سيقود بذاته فاتبعه إينما ذهب حتى الحقول والمصانع المجاورة بقنا ذهب معه شرد حدقتي عين فهد به قليلا فمال برأسه تجاهه ثم قال بابتسامة عذباء 
_متخيلتش إن هيجي اليوم اللي تكبر وأعتمد فيه عليك وتبقى راجل صوح.. 
الټفت آسر تجاهه ثم قال بمرح 
_الصغير بيكبر يا كبيرنا.. 
ضحك فهد ثم قال 
_بقيت مصراوي شبه امك بس هيجي منك.. 
ناطحه بمشاكسة 
_مهي المصرواية دي اللي وقعت الكبير ولا أيه! 
ابتسم بهيام 
_وقعته بس دي خليته دايب فيها دوب.. 
أوقف آسر السيارة ثم قال بتعصب مصطنع 
_لا يا كبير ما اتفقناش على كده نراعي إن ابنك لسه مدخلش دنيا برضه حس بينا يحس بيك ربنا خف شوية من المشاعر الجياشة دي في شاب أعزب معاك في البيت بدل ما ألم خلجاتي وأطوح بأي مكان متعرفوش توصلولي فيه.. 
بنظرة صارمة أشار بها تجاه المقود 
_إطلع.. 
پخوف مصطنع قاد السيارة وهو يردد في طاعة 
_تؤمر يا كبير لو عايز تهج بأي مكان سواقك وتحت أمرك لحد بعد العشا.. 
ضحك وهو يردد ساخرا 
_آه قول كده بقى بتعمل الشويتين دول عشان مشوار بليل.. متقلقش مشاغلي الكتير مش هتخليني مكنش موجود في أهم يوم في حياة ولدي.. 
ابتسم آسر ثم ردد بجدية 
_ربنا يخليك لينا يا أبوي وميحرمنيك منيك.. 
ربت بيديه على ساقيه بحنو 
_الكبير ميبقاش كبير لو نسى أولوياته يا ولدي وأنت وأختك وأمك أهم شيء بالنسبالي.. 
ثم استطرد 
_حط كلامي في دماغك لأجل اليوم اللي هتمسك فيه مطرحي.. 
قبل يديه وهو يردد بضيق شديد 
_بعد الشړ عليك الدهاشنه ملهاش غير كبير واحد يا ابوي.. 
کسى وجهه سعادة عارمة فأشار بحزم مصطنع 
_ركز في طريقك يا ولدي.. 
استقام بجلسته ثم اتبع ارشادات والدته حول مكان المصنع المقام حديثا ليقود تجاه وجهته التي كان ابيه مرشدا وسيدا لها.. 
مازالت حقيبتها موضوعة جانبا لم تصفها بعدا ففتحتها لتخرج فستانا لترتديه ومن ثم أغلقتها مجددا لتستعد للرحيل ودعت تسنيم حور ثم انطلقت لتلحق بقطارها الذي اتتقل بين البلدان ببطء رغبت به ودت بتلك اللحظة أن لا يصل لوجهتها أبدا فكلما تخلل لفكرها ما سيحدث تلك المرة تزورها صورة لآسر برجولته وذوقه الذي جعلها تطمئن بأن مازال هناك رجال يستحقون ما نالوه من لقب تمنت وبأمنيتها تردد وحيرة بكونها خلقت رجلا فربما تركها خالها الأرعن بحالها.. 
وصلت روجينا للعنوان المدون وما أن تأكدت من عنوان العمارة من البواب حتى صعدت للطابق الرابع كما كتب لها وزعت نظراتها بحيرة بين الجرس وباب الشقة ومن ثم انصاعت لإصبعها الذي دق لمرة واحدة على الجرس ومن ثم انتظرت على بعد بترقب وحيرة لمنحها ذاك العنوان فتح شابا الباب وهو يتطلع لها بدهشة فسحبت الكلمات على لسانها وتخلت عنها وقبل أن تنطق بحرف وجدت صوت قادم من خلفه يأمره 
_خليها تدخل يا علي.. 
تنحى جانبا على الفور وهو يردد بطاعة 
_اتفضلي يا أنسة.. 
إطمئن قلبها حينما وجدتأيان يقف أمامها فولجت للداخل بإرتباك ازداد حينما اقترب منها قائلا بثبات 
_اتاخرتي.. 
رفعت كتفيها بانزعاج 
_وأنا هعرف منين اللي تقصده برسالتك! طبعك غريب وغامض.. 
ابتسم على كلمتها الاخيرة فقدم لها يديه وهو يردف 
_هتتعودي.. 
وزعت نظراتها بين عينيه ويديه الممدودة ومن ثم وضعت يدها بين يديه واتبعت خطاه حتى ولج بها لشرفة العمارة التي تطل على نهر النيل انسحبت روجينا من يديه ثم ركضت لحافة السور قائلة بإنبهار 
_المنظر هنا يجنن.. 
ثم استدارت اليه لتتساءل بفضول 
_دي شقتك صح 
اقترب منها بخطوات ثابتة ثم وقف لجوارها وهو يهز رأسه بالنفي 
_شقتنا.. 
انطبع وجهها بحمرة الخجل فألهت ذاتها بالتطلع للنهر ومن ثم قالت 
_جميلة أوي.. 
قرب يديه من وجهها فابتلعت ريقها بارتباك حينما لامس صفحة وجهها وعينيه تتطلع لملكيتهاهامسا 
_مش أجمل منك. 
كاد بأن يقترب منها فتركته واتجهت للشرفة المجاورة وهي تتساءل بتوتر 
_دي اوضتك 
قال وعينيه تتابعها
_تحبي تشوفيها.. 
اكدت له بإيماءة رأسها ففتح الباب الصغير الذي يفصلهما عنها ومن ثم أشار لها بالدلوف دخلت هي أولا لتتمرر عينيها ببطء شديد على ممتلكات الغرفة بإعجاب شديد فنالت تلك الخزانة الزيتوتية اعجابها بما تحتويه من بذلات أنيقة للغاية مرورا بسرحته الخاصة وأحذيته فهمست بصوت منخفض 
_ذوقك حلو في كل حاجة.. 
ابتسم وهو يجيبها 
_اكيد عشان كده اختارتك. 
التفتت له وكأنما فتح لها سبيل الحديث عما فكرت به كثيرا فقالت بارتباك 
_اشمعنا أنا يا أيان وأنت عارف العداوة اللي بينك وبين بابا! 
جلد وجهه الثبات والصلابة منحها نظرات أطالها عمدا قبل أن يجيبها 
_لما حبيتك محطتش لنفسي قيود لا فكرت أعرف عيلتك ولا أعرف انتي مرتبطة ولا لا كل اللي همني أيه اللي قلبي حاسه تجاهك..
حاوطتها هالة مخيفة من المشاعر الجياشة تجاه حديثه المعسول فاقترب منها ومن ثم أزاح حجابها ليفرد خصلات شعرها الغجري فډفن رأسه بداخله وهو يشم رائحتهافاتبعته همسة أرجفت جسدها
_ القدر اللي جمعني بيك.. 
ومن ثم أدارها تجاهه وهو يتأمل رعشتها تلك بابتسامة ماكرة لم تمنحه هي مبتغاه فابتعدت عنه وهي تتفحص ساعتها پصدمة 
_المحاضرة! 
خلع ساعتها التي بدأت تضيقه ثم قال بضيق 
_وأنتي معايا متبصيش

على الوقت تاني. 
ثم أشار لها والخبث يترنح بين رومادية عينيه 
_متقلقيش مفيش حاجة هتحصل من غير رضاكي
 

تم نسخ الرابط